للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقال السبط صاحب المرآة (١): وكان حج معه يعقوب الخياط المغازي وكان مقيما بمغارة الجوع بقاسيون، وكان صديق الظافر فلما وصل الظافر إلى بدر وجد عسكر الكامل ابن عمه العادل صاحب مصر قد سبقه خوفا منه على اليمن، فقالوا: ترجع. فقال: قد بقي بيني وبين مكة مسافة يسيرة، ووالله ما قصدي اليمن وإنما أريد الحج، فقيدوني واحتاطوا بي حتى أقضي المناسك وأعود إلى الشام فلم يلتفتوا إليه، فرجع إلى الشام وعاد يعقوب الخياط معه ولم يحج. وقال أبو شامه (٢): وحكى لي والدي وكان ممن حج معه في تلك السنة أنه شق على الناس ما جرى عليه وأراد كثير منهم أن يقاتلوا الذين صدوه عن المضي في حجه فنهاهم عن ذلك واختار الرجوع على الفتنة وفعل ما فعله النبي -صلى الله عليه وسلم- عام الحديبية حتى صده الكفار عن البيت فقصر من شعره وذبح ما تيسر، وكان محرمًا من ذي الحليفة ولبس ثيابه وودع الناس ورجع، وعيون الناس باكية عليه ولهم ضجيج وعويل ولحقهم عليه حزن طويل من جهة صده عن مشاعر [٣٤٣] الدين وهو أتي مثل صلاح الدين.

[ذكر مقتل أيدغمش]

قد ذكرنا (٣) أن الخليفة قد خلع عليه وأعطاه الكوسات وسيره إلى همذان فوصل إلى بلاد ابن ترجمَ وأقام ينتظر وصول عساكر بغداد إليه لتسير معه ما اتفق عليه الخليفة معه، وكان الخليفة قد عزل سليمان بن تَرْجَم عن الإمارة على عشيرته من التركمان وولي أخاه الأصغر، فأرسل سليمان إلى منكلي يعرّفه بحال أيدغمش فسير منكلي جيشًا إليه ليقتلوه فخرج على وجهه فقتل أيدغمش وحمل رأسه إلى منكلي وتفرق من معه في البلاد ووصل الخبر بقتله إلى بغداد فعظم على الخليفة وأرسل إلى منكلي ينكر عليه ما فعل، فأجاب بجواب شديد وتمكن من البلاد وقوى أمره وكثرت عساكره. قلت: أيدغمش هذا مملوك البهلوان وكان قد غلب على همذان والجبال كما ذكرناه، وكان قد هرب من منكلي وهو خشداشه والتجئ إلى الخليفة في سنة ثمان وستمائة ثم رجع في


(١) انظر المرآة، جـ ٨، ص ٣٦٩؛ البداية والنهاية، جـ ١٣، ص ٧١.
(٢) انظر: الذيل على الروضتين، ص ٨٣.
(٣) ورد هذا الحدث في الكامل، جـ ١٠، ص ٣٦٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>