للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهي مقامة جليلة حسنة لفظا ومعنى. وكان خليقا بالوزارة لم يأت بعده فيها مثله، وكان متواضعا يُسلم على الناس الذين يمر بهم وهو راكب، ويكرم الفقهاء ويحترمهم ويعمر أوقافهم ويثمرها، ويوسع لهم في الجامكيات. وفي أيامه بنيت العمارة بغوارة (١) جيرون والمسجد والبركة والشادروان وغير ذلك.

قال أبو شامة (٢): قال السبط: توفي في سنة ثلاثين وستمائة وهو وهم، وإنما توفي في سنة ثنتين وعشرين وستمائة كما سنذكره إن شاء الله.

[ذكر وفاة الملك القاهر صاحب الموصل وهو عز الدين مسعود بن أرسلان شاه بن مسعود بن مودود بن زنكي بن أقسنقر]

مات لثلاث بقين من ربيع الأول من هذه السنة (٣)، وكانت مدة ملكه تسع سنين وسبعة أشهر، وأنقرض بموته ملك البيت الأتابكي. وكان قليل الطمع في أموال الرعية، كافًا عن أذيً يوصله إليهم، مقبلا على لذاته ينهبها نهبًا.

وقال ابن خلكان (٤): لما مات نور الدين أرسلان شاه خَلّف ولدين أحدهما: الملك القاهر عز الدين أبو الفتح مسعود، والآخر الملك المنصور عماد الدين زنكي، ولما حضرته الوفاة قَسَّم البلاد بينهما، فأعطى للملك القاهر - وهو الأكبر - الموصل وأعمالها وأعطى عماد الدين شوش والعَقْر وتلك النواحي. فأما الملك القاهر فكانت ولادته في سنة تسعين وخمسمائة بالموصل، وتوفي بها فجأة ليلة الإثنين الثلاث بقين من شهر ربيع الآخر سنة خمس عشرة وستمائة، وكان قد بنى مدرسة فدفن فيها.

وفي تاريخ بيبرس: وأوصى الملك القاهر بالملك بعده لولده الكبير أرسلان شاه وعمره نحو من عشر سنين، وجعل المدبر لدولته بدر الدين لؤلؤ وهو كان يتولى دولة والده القاهر، ويقوم بتدبيرها وتدبير جده نور الدين أيضا. فلما توفي القاهر أجلس بدر الدين لؤلؤ ولده أرسلان شاه مكانه، وأرسل إلى الخليفة يطلب منه التقليد والتشريف، وأرسل


(١) جيرون باب من أبواب الجامع الأموي بدمشق، وهو الباب الشرقي، وفيه فوّارة يُنْزَلُ عليها بدرج كثيرة في حوض من رخام وقُبّة خشب يعلو ماؤها نحو الرمح. انظر: معجم البلدان، ج ٢، ص ١٧٦.
(٢) انظر: الذيل على الروضتين، ص ١١٥؛ مرآة الزمان، جـ ٨، ص ٤٤٨ وفيات سنة ٦٣٠ هـ.
(٣) انظر: وفيات الأعيان، جـ ٥، ص ٢٠٨.
(٤) انظر: وفيات الأعيان، ج ٥، ص ٢٠٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>