للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فصل فيما وقع من الحوادث في السنة التاسعة بعد الستمائة (*)

استهلت هذه السنة والخليفة هو الناصر لدين الله، وسلطان مصر والشام الملك العادل أبو بكر بن أيوب، ونائبه في دمشق الملك المعظم، وفي مصر الملك الكامل، فاجتمعوا في هذه السنة على دمياط لمقابلة الفرنج. وكان سامة الجبلي صاحب دار سامة داخل باب السلامة، التي هي الآن مدرسة للشافعية، قد استوحش من هؤلاء الملوك المذكورين وهم اتهموه بمكاتبة الظاهر صاحب حلب. (١)

قال السبط (٢): وجد له كتب إليه وأجوبة، فخرج سامة من القاهرة كأنه يتصيد، واغتنم اجتماع الملوك بدمياط وساق إلى الشام في مماليكه، بطلب قلاعه وهي كوكب وعجلون وذلك يوم الإثنين سلخ جمادى الآخرة فأرسل والي بلبيس الحمام إلى دمياط يخبرهم بذلك، فقال العادل: من ساق خلقه فله أمواله وقلاعه. فقال الملك المعظم: أنا. وركب من دمياط يوم الثلاثاء غرة رجب. قال السبط: وكنت معه فقال لي: أنا أريد أن أسوق فسق أنت مع قماشي (٣)، ودفع لي بغلة، فساق ومعه نفر يسير وعلى يده حصان، فكان صباح يوم الجمعة في غزة. ساق مسير ثمانية أيام في ثلاثة أيام، فسبق سامه، وأما سامة فإنه تقطع (٤) عنه مماليكه ومن كان معه وبقى وحده وبه نقرس فجاء إلى بلد الداروم، وكان المعظم قد أمسك عليه من البحر إلى الزرقاء، فرآه بعض الصيادين في برية الداروم، فعرفه فقال له: انزل. فقال له: هذه ألف دينار وأوصلني إلى الشام. فأخذها الصياد وجاء رفاقه فعرفوه أيضًا فأخذوه على طريق الخليل -عليه السلام-، ليحملوه إلى عجلون فدخلوا به القدس يوم الأحد سادس رجب. جاء بعد المعظم بثلاثة أيام فقال لي المعظم رحمه الله ما كنت خائفاً إلَّا أن يصادفني في الطريق غلمانه فيقتلوني لو رماني أيدكين بسهم قتلني، فملّكه الله أيدكين والجميع، فأنزل سامه في صهيون وبعث إليه


(*) يوافق أولها ٣ يونيو سنة ١٢١٢ م.
(١) ورد هذا الخبر في الذيل على الروضتين، ص ٨٠.
(٢) مرآة الزمان، جـ ٨، ص ٣٦٦ - ص ٣٦٧؛ الذيل على الروضتين، ص ٨٠ - ص ٨١.
(٣) القَمَّاش: من يبيع الأمتعة، انظر مادة "قمش" المنجد.
(٤) "فانقطع" كذا في المرآة، جـ ٨، ص ٣٦٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>