للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بغداد بعده كيزانًا وسموها أبا الهيجاء السمين على صورته، وأنزله الخليفة بدار العميد غربي بغداد بعد أن عبر إلى الجانب الشرقي، وقبل عتبة باب النوبي وقام له الخليفة وأكرمه بالضيافات، ثم أمره أن يجرد جماعة من أصحابه مع عسكر الخليفة إلى همذان، فجرد جماعة فلما بعدوا من بغداد نهبوا خزانة الخليفة وقتلوا جماعة من عسكره ومضوا إلى الموصل والجزيرة، وعاد عسكر الخليفة إلى بغداد وقد خرجوا، فنقله الخليفة إلى الجانب الشرقي إلى دار عند النظامية كانت لسلطان دمشق مجير الدين أبق، ووكل به ثم خلع عليه بعد ذلك الجبة والفرجية (١) والعمامة السوداء والقباء الأسود وبين يديه الخيل بمراكب الذهب. قال السبط: وقد شاهدته وأنا صغير في هذه السنة وأعطاه الأموال والرجال، وسار إلى همذان (٢) فلم يتم له أمر واختلف الأمراء عليه وتفرق عنه أصحابه، فخاف من الخوارزمي واستحي أن يعود إلى بغداد فسار يطلب الشام على دقوقا، فلما وصل إليها مرض وأقام بها أيامًا فتوفي. قال السبط: وبلغني أنه كان نازلًا على تل فقال ادفنوني فيه، فحفروا له قبرًا على رأس التل (٣) فظهرت بلاطة عليها اسم أبيه فدفنوه عليه. وذكر السبط وفاته في سنة أربع وتسعين، وذكر غيره أنه توفي في هذه السنة أعني سنة ثلاث وتسعين (٤) والله أعلم. وكان كرديًا من أكابر أمراء الناصر صلاح الدين يوسف، وهو الذي كان نائبًا على عكا وهي محاصرة، ثم خرج منها ودخلها سيف الدين علي بن أحمد المشطوب، ثم استنابه صلاح الدين علي بيت المقدس، ثم لما أخذها العزيز عزل عنها ثم ذهب إلى بغداد كما ذكرنا.

[ذكر بقية الحوادث]

منها أن في ليلة الجمعة التاسع من جمادى الآخرة أظلمت الدنيا بسحاب متكاثف وظهرت رعود وبروق كثيرة شديدة وهبت رياح عاصفة بحيث ارتجت لها الحيطان والجدران، وثار بين السماء والأرض عجاج، وخاف الناس الرجال والنساء فاعتصموا


(١) "الفرجية": قميص فوقاني يُرتدي فوق الملابس، وجمعها فراجي، وفرجيات، ماير، الملابس المملوكية، ص ٩٥.
(٢) نقل العينى هذا الحدث بتصرف من مرآة الزمان، جـ ٨، ص ٢٩٠ - ص ٢٩١.
(٣) "النهر" كذا في الأصل، والمثبت من مرآة الزمان، جـ ٨، ص ٢٩٤ - ٢٩٥.
(٤) اتفق سبط ابن الجوزي في وفاة أبي الهيجاء أنه عام ٥٩٤ هـ مع كل من ابن تغري بردي، النجوم الزاهرة، جـ ٦، ص ١٤٥، وابن العماد الحنبلي، شذرات الذهب، جـ، ص ٣١٧ وممن اختلفوا معهم وقالوا بأن الوفاة كانت عام ٥٩٣ هـ كل من: ابن الأثير، الكامل، جـ ١٠، ص ٢٤٥؛ ابن كثير، البداية والنهاية، جـ ١٣، ص ١٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>