للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ذكر فتح سَرمْانية

ولما فتح السلطان حصن شغر أرسل ولده الملك الظاهر صاحب حلب فحاصر سرمانية وأخذها بالأمان، وهدمَ الحصن وعفّى أثره.

وفي النوادر (١): أرسل صلاح الدين ولده المذكور إلى قلعة تسمى سَرْمانية يوم السبت سابع عشر جمادى الأخرى، فقاتلها قتالًا شديدًا، وضايقها مضايقةً عظيمةً، وتسلمها يوم الجمعة الثالث والعشرين من الشهر المذكور، [فاتفقت] (٢) فتوحات الساحل من جبلة إلى سرمانية في أيام الجُمع، وهي علامة قبول دعاء خطباء المسلمين، وسعادة السلطان رحمه الله، حيث يسّر له الفتوح في اليوم الذي يضاعف فيه ثواب الحسنات، وهذا من نوادر الفتوحات في الجُمع المتوالية، ولم يتفق مثلها في تاريخ. وكان في هذه الحصون المذكورة من أسرى المسلمين عدد لا يحصى، فأطلقوا وأعطوا النفقة والكسوة (٣).

ذكرُ فتح حِصْن بُرْزيَة (٤)

ثم سار السلطان من شغر إلى بُرزية، وهي قلعة حصينة في غاية القوة والمنعة على سن جبل شاهق، يضرب بها المثل في جميع بلاد الإفرنج والمسلمين، يحيط بها أودية من سائر جوانبها وذرع عُلُوِّ تَلها (٥)، فكان خمسمائة ذراع ونيفًا وسبعين ذراعًا (٦).

وقال العماد (٧): وكان وصول السلطان إليها يوم السبت الرابع والعشرين من جمادي الآخرة، وملكها يوم الثلاثاء السابع والعشرين منه، قال: فأحدقنا بهًا وبالجبل ونصبنا عليها المجانيق في سفحها، ولما رأى السلطان أنه لا وصول إليها بالمجانيق، وأن الاشتغال به يُطيل الزمان مال إلى الزحْف، فقسم الناسَ ثلاثة أقسام، وجعل النوبة


(١) النوادر السلطانية، ص ٩٢.
(٢) "فاتفق" كذا في الأصل. والمثبت من النوادر السلطانية، ص ٩٢.
(٣) ورد هذا النص بتصرف في النوادر السلطانية، ص ٩٢؛ الفتح القسي، ص ٢٩٧؛ الكامل، ج ١٠، ص ١٧١؛ الروضتين، ج ٢، ص ١٣٠؛ مفرج الكروب، ج ٢، ص ٢٦٤ - ٢٦٥.
(٤) ذكر ياقوت أن هذا الحصن يسمى بَرْزُويَة بالفتح وضم الزاء وسكون الواو وفتح الياء والعامة تقول بَرْزُويَة. انظر: معجم البلدان، ج ١، ص ٥٦٥.
(٥) "علوها" كذا في النوادر، ص ٩٢؛ أما الفتح القسي، ص ٢٤٨؛ فقد ورد فيه النص كالآتي: "وقيل قدر علو ثلثه".
(٦) النوادر السلطانية، ص ٩٢.
(٧) الفتح القسى، ص ٢٤٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>