للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومنها أنه فارق وجه السبع حاج العراق وقصد الشام، وكان في الحاج العراقي جماعة من الأعيان فبكوا وضجوا، وسألوه فقال: مولاي أمير المؤمنين محسن إليَّ، وما أشكو إلا من الوزير ابن مهدي، فإنه يقصدني لقربي من مولاي، وما عن الروح عوض. وسار إلى الشام ودخل الحاج بغداد وعليهم وحشة وكآبة، وأمر الخليفة أن لا يخرج الموكب إلى لقائهم، ولا يخرج إليهم أحد، وأدخل الكوسى والعلم والمهد في الليل، وأقام الخليفة حزينًا أيامًا. وأما وجه السبع فوصل إلى دمشق، فالتقاه العادل وأولاده وخدموه وأحسنوا إليه.

وفيها (بياض بالأصل بمقدار سطر).

وفيها حج بالناس من العراق مظفر الدين وجه السبع، لكنه فارق الحج كما ذكرناه الآن. وحج بالناس من الشام مجاهد الدين ياقوت، وهي أول حجة حجها، وحج صدر جهان أيضًا.

[ذكر من توفي فيها من الأعيان]

الفقيه (١) العالم أبو منصور عبد الرحمن بن الحسين بن عبد الله بن النعمان النيلى، الملقب بالقاضي شريح لذكائه وفضله وبراعته وعقله وكمال أخلاقه. ولي قضاء بلدة النِيْل (٢) بكسر النون وسكون الياء آخر الحروف وفي آخره لام. ثم قدم بغداد فندب إلى المناصب الكبار فأباها، فحلف عليه الأمير طاشتكين أن يعمل عنده الكتابة، فخدمه عشرين عاما، ثم وشي به الوزير ابن مهدي إلى الخليفة فحبسه في دار طاشتكين إلى أن توفي فيها في هذه السنة، ثم أن الوزير حُبس بها أيضا عن قريب، ومات فيها. وهذا من العجائب.

وفي المرآة: ومات طاشتكين وهو محبوس، وتوفي شريح في ربيع الأول في (٣) دار طاشتكين [٢٩٩] وأخرج منها ميتًا، ودفن بداره في القُبَيْبات. (٤)


(١) انظر ترجمته في البداية والنهاية، ج ١٣، ص ٥١؛ مرآة الزمان، ج ٨، ص ٣٤٦؛ الذيل على الروضتين، ص ٥٨.
(٢) النيل: بليدة في سواد الكوفة قرب حلة بن مَزْيَد يخترقها خليج كبير يتخلخ من الفرات الكبير. انظر: معجم البلدان، ج ٤، ص ٨٦١.
(٣) "بدار" في مرآة الزمان، ج ٨، ص ٣٤٩.
(٤) القُبَيْبَات: محلة ببغداد. انظر: معجم البلدان، ج ٤، ص ٣٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>