للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي المرآة (١): وفي هذه السنة أغار ابن لاون على بلد حلب وأخذ الجشار (٢) من نواحي حلب، فبعث الملك الظاهر فارس الدين ميمون القصري، وأيبك فطيس، وحسام الدين بن أمير تركمان، فنزلوا على حارم فقال لميمون: كن على حذر، فتهاون، فكبسهم ابن لاون وقتل جماعة من المسلمين، وثبت أيبك فطيس وابن تركمان وقاتلا قتالًا شديدًا، ولولاهما لأخذ ميمون، وبلغ الظاهر فخرج من حلب ونزل مرج دابق (٣) وجاء إلى حارم، فهرب (٤) ابن لاون إلى بلاده وكان قد بنى قلعة فوق دربساك فأخربها الظاهر، وعاد إلى حلب.

[ذكر قصد الكرج بلاد الإسلام]

وفي هذه السنة (٥) قصدت الكرج في جموعها ولاية خلاط من أرض أرمينية، ونهبوا وقتلوا وسبوا من أهلها كثيرًا وجاسوا خلال الديار آمنين، ولم يخرج إليهم من خلاط من يمنعهم، فبقوا متصرفين في النهب والسبي، والبلاد شاغرة لا مانع لها؛ لأن صاحبها صبي والمدبر لدولته ليست له تلك الطاعة من الجند، فلما اشتد البلاء على الناس تذامروا وحرض بعضهم بعضا، واجتمعت العساكر الإسلامية من تلك البلاد جميعها، وانضاف إليهم من المتطوعة كثير، فساروا جميعهم نحو الكرج وهم خائفون، فرأى بعض الصوفية الأخيار الشيخ محمد البُستي وكان من أكابر الصالحين، وكان قد مات، فقال له ذلك الصوفي: أراك هاهنا. فقال: جئت لمساعدة [٢٨٩] المسلمين على عدوهم. فاستيقظ فرحا لمحل البستي من الإسلام، وأتي إلى مدير العسكر وقص عليه رؤياه، ففرح بذلك وقوي عزمه على قصد الكرج، وسار بالعساكر إليهم، ونزل منزلا قريبا منهم فوصلت الأخبار إلى الكرج فعزموا على كبس المسلمين، فانتقلوا من موضعهم بالوادي إلى أعلاه ليكبسوا المسلمين إذا أظلم الليل، فأتى المسلمين الخبر فقصدوا الكرج، وأمسكوا عليهم رأس الوادى وأسفله وهو واد ليست له طريق غير هذين الطريقين، فلما


(١) نقل العينى هذا الخبر من مرآة الزمان، ج ٨، ص ٣٤٢ - ٣٤٣.
(٢) الجشار، جمعها: الجشارات والجشير، ويقال الدشار أيضًا. وهي الخيل والأبقار التي تساق مع الجيش. انظر: السلوك، ج ١ ق ٢، ص ٤٩٠، ج ١ ق ٣، ص ٩٠٩.
(٣) مرج دابق: هو مرج بقرية دابق بالقرب من حلب، من أعمال عزاز، معجم البلدان، ج ٢، ص ٥١٣.
(٤) "فهزم" كذا في مرآة الزمان، ج ٨، ص ٣٤٣.
(٥) نقل العيني هذا الخبر من الكامل، ج ١٠، ص ٣٢٠ - ص ٣٢١.

<<  <  ج: ص:  >  >>