للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي يوم الخميس سابع عشره نزل بعشترا، ولقيه ولده الملك الأفضل ومظفر الدين وجميع العساكر.

وفي منتصف ربيع الآخر عرض السلطان العساكر على تل يعرف بتل تسيل، وتقدم إلى أرباب الميمنة بحفظ موضعهم، وإلى أصحاب الميسرة كذلك، وإلى أصحاب القلب بمثله. ثم ذكر صاحب هذا التاريخ (١) وقعة حطين، ولم يذكر ما جرى قبل هذه الوقعة من الأمور، ونحن نذكرها مفصلة بعون الله ولطفه.

[ذكر محاصرة الكرك]

لما قدم الحاج في أواخر صفر، نزل السلطان على الكرك، وقطع ما حوله من الأشجار ورعي الزروع وأكلوا الثمار، وجاءته العساكر المصرية فتلقاهم بالقريتين، واجتمع عنده خلق كثير من العرب والترك والكرد وغيرهم. وكذلك فعل بشوبك ما فعل بالكرك من المضايقة والمحاصرة، وإذهاب ضياء تلك الضياع، وإزالة نقاء تلك البقاع. وأقام على هذه الحالة في ذلك الجانب شهرين، والملك الأفضل ولده مقيم برأس الماء في جمع عظيم من العسكر، وتوافت الجيوش الشرقية فنزلوا عند الأفضل، وقعدوا ينتظرون الإشارة من السلطان (٢).

[ذكر بعث الأفضل إلى أعمال طبرية سرية]

ثم إن الملك الأفضل بعث سرية (٣) نحو أعمال طبرية وأمرهم بالغارة على الغِرَّة، وجعل مقدمهم مظفر الدين بن زين الدين على كوجك، وجعل على عسكر دمشق قايماز النجمي، وعلى عسكر حلب دُلْدَّرم الياروقي، فساروا وصَبَّحوا صفورية (٤)، فخرج إليهم الفرنج في جمع عظيم من الداوية. والإستبارية وغيرهما، فوقع حرب عظيم وكاد المسلمون أن ينهزموا وينفلوا، فثبت قايماز النجمي في صدورهم، وكذلك مظفر الدين


(١) ابن شداد: النوادر السلطانية، ص ٧٥.
(٢) ورد هذا النص بتصرف في كل من: الكامل، ج ١٠، ص ١٤٣ - ص ١٤٥؛ الروضتين، ج ٢ ق ١، ص ٢٤٧ - ص ٢٤٨.
(٣) سرية: السرية قطعة من الجيش ما بين خمسة أنفس إلى ثلاثمائة أو هي من الخيل نحو أربعمائة، وجمعها سرايا. انظر: المعجم الوسيط مادة "سري".
(٤) صفورية: بلدة من نواحي الأردن بالشام، وهي قرب طبرية. انظر: معجم البلدان، ج ٣، ص
٤٠٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>