للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال بيبرس في تاريخه: وفيها أخبر العزيز بأن ميمونًا القصري والي نابلس أخرج مالًا واستخدم رجالًا لقصد بلاد اليمن، واستقصد سنقر الحلبي ليسير معه وأعطاه عشرين ألف درهم، واستقصد ألطنبغا الجوكندار وأسامه وعمر بن جكو وذلك لما قتل شمس الملوك بن طغتكين باليمن، فانزعج العزيز لذلك وخاف وسير إلى ميمون عز الدين أيبك فطيس أمير جاندار (١) ليثنيه عن طريقه ويصرفه عن قصده ويبذل له ما يريده، ثم بلغه قوة أمره ووصله الخبر بأنه أنفق من ماله لمن تابعه على قصده سبعين ألف دينار، فلاطفه وأرسل إليه فخر الدين أياز جهركس وأسد الدين سرا سنقر والمخلص قايماز، وزاده مائة فارس على عدته، وأقطعه غزة وغيرها، وأقطع عز الدين أسامة الناصر.

وفيها وصل فارس الدين ميمون القصري إلى العزيز، فأمر الأمراء والأعيان بتلقيه وأكرم مثواه ومنزله وزاده في إقطاعه ووجهه إلى نابلس وبيسان والطبرية والحصون التي استقرت بيده ويد عز الدين أسامة واستقر لميمون أربعمائة ألف دينار والأسامة ثلثمائة ألف دينار.

[ذكر استيلاء صاحب الموصل على نصيبين]

وفي جمادى الآخرة سار نور الدين أرسلان شاه بن مسعود بن مودود بن زنكي صاحب الموصل إلى نصيبين واستولى عليها وأخذها من ابن عمه قطب الدين محمد بن زنكي فأرسل قطب الدين محمد واستنجد بالملك العادل، فسار الملك العادل إلى البلاد الجزرية ففارق نور الدين أرسلان شاه نصيبين وعاد إلى الموصل، فعاد قطب الدين محمد بن زنكي وتسلم نصيبين. (٢) وقال بيبرس: وسبب ذلك أن عمه عماد الدين كانت له نصيبين، فتطاول نوابه بها واستولوا على عدة قرى من أعمال بين النهرين من ولاية الموصل المجاورة لنصيبين، فبلغ الخبر مجاهد الدين قايماز القائم بتدبير مملكة نور الدين بالموصل كلها، فأرسل إلى عماد الدين وقبح عليه الفعل الذي فعله نوابه بغير أمره، فأجاب بأن هذه القرى من أعمال نصيبين فترددت الرسل بينهم فلم يرجع عن رأيه، فعند ذلك أعلم مجاهد الدين نور الدين بذلك ولم يكن أعلمه بذلك قبل هذا، فأرسل نور الدين إليه فلم يلتفت إليه وحذره الرسول من عاقبة هذا، فأغلظ عليه عماد


(١) الجاندار: هو الأمير الذي يستأذن على دخول الأمراء للخدمة السلطانية ويدخل أمامه إلى الديوان. القلقشندي، صبح الأعشى، ج ٤، ص ٢٠؛ ج ٥، ص ٤٥٩.
(٢) ورد هذا الحدث بالتفصيل في الكامل، ج ١٠، ص ٢٥٠ - ص ٢٥١؛ مفرج الكروب، ج ٣، ص ٧٤٨ - ص ٧٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>