للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

العساكر للزحف على الإفرنج، فرحلوا إلى صور ومنها توجهوا إلى عكا، فعاد العزيز إلى مصر قبل انفصال الحال، وسبب رحيله أن جماعة من الأمراء عزموا على قتله وهم: ميمون القصري، وأسامة، وسرا سنقر، والجحاف، وابن المشطوب، وترددت الرسل إلى عكا بين الإفرنج والعادل إلى أن تقرر الصلح، ورحل العادل إلى دمشق ثم سار منها إلى قلعة وكتب إلى العزيز يخبره بذلك وبوصول ولده الكامل من حران، مخبرًا بأن صاحب الموصل قد حلف للعزيز على الطاعة والموالاة وأنه يخطب له ببلاده ويضرب السكة باسه وينجده بعسكره كما كان مع أبيه، وذلك بتوسط الظاهر صاحب حلب، وكان الواصل في هذه الرسالة صدر الدين شيخ الشيوخ.

وفي المرآة: وفي هذه السنة نزلت الفرنج في المحرم على تبنين، فأرسل العادل محيي الدين بن زكي الدين إلى العزيز إلى مصر يستنجده، فخرج بجيوشه إلى الشام فوصل ثالث ربيع الأول، وكانوا قد ضايقوا الحصن ونقبوه من كل جانب، وأشرف على الأخذ وهدّه بالمجانيق ونقبوه سربًا سربًا، وكانوا يستظلون من المطر وجعلوا النقوب بيوتًا يسكنوها، وكان الإفرنج يحدقون (١) المسلمين من النقوب ويحدثونهم (٢) وكان العادل نازلًا عند هونين ومعه شيركوه صاحب حمص، والأمجد صاحب بعلبك، وعز الدين بن المقدم ودلدروم صاحب تل باشر، وجاءهم العزيز فساروا جميعًا إلى هونين، فلو تأخر يومًا لأخذت تبنين وقتل من فيها، وأرسل الله في تلك الليلة مطرًا عظيمًا وريحًا شديدة وأوقع في قلوب الإفرنج الرعب، وقيل: جاءكم سلطان مصر والعساكر، فتركوا المناجيق والدبابات والآلات بحالها والخيام وما فيها وهربوا في الليل إلى صور، ثم بعثوا يطلبون الصلح فصالحهم العزيز على قاعدة صلح صلاح الدين، وخلع العزيز على المعظم عيسى ابن العادل وأعطاه سنجقًا ومنشورًا بدمشق وعاد إلى مصر، ومضى العادل إلى ماردين فحصرها في رمضان وملك الربض ولم يبق سوى القلعة. (٣)


(١) "يحدثون" كذا في الأصل والمثبت من مرآة الزمان، جـ ٨، ص ٢٩٢.
(٢) "ويحدثهم" كذا في الأصل والمثبت من مرآة الزمان، جـ ٨، ص ٢٩٢.
(٣) مرآة الزمان، جـ ٨، ص ٢٩٢ - ٢٩٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>