للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فصل فيما وقع من الحوادث في السنة السادسة بعد الستمائة (*)

استهلت هذه السنة والخليفة هو الناصر لدين الله، وملوك البلاد والأطراف على حالهم.

[ذكر ماجريات الملك العادل]

وفي ربيع الأول (١) من هذه السنة سار الملك العادل من دمشق وقطع الفرات، وجمع الملوك من أولاده الأوحد وغيره، وعساكر مصر والشام وحلب وديار بكر. ونزل على حران ووصل إليه بها الملك الصالح محمد بن محمد بن قرا أرسلان الأرتقي صاحب آمد وحصن كيفا، ثم سار من حران ونازل سنجار وبها صاحبها قطب الدين محمد بن عماد الدين زنكي بن مودود بن زنكي، فحاصرها ونصب عليها المجانيق إلى رمضان، ولم يبق إلا تسليمها. فأرسل الملك الظاهر من حلب أخاه المؤيد يشفع في السناجرة وصاحبها يومئذ قطب الدين -كما ذكرنا- وهو من بقية بيت زنكي والد نور الدين محمود الشهيد، فلم يُشفعه، ومات المؤيد في هذه السنة كما نذكره إن شاء الله تعالى. وكره المشارقة مجاورة العادل فاتفقوا عليه مع صاحب إربل. وأرسل الخليفة (٢) ابن الضحاك الأستاذ دار وأقباش الناصري يشفع إلى العادل فيهم، فرحل بعد أن أخذ نصيبين والخابور ونزل على حران وفرق العساكر. وصالح المشارقة صاحب إربل والموصل والجزيرة وماردين وحلب.

وفي تاريخ بيبرس (٣): وسبب ذلك أن قطب الدين المذكور كان بينه وبين ابن عمه نور الدين شاه بن مسعود بن مودود صاحب الموصل عداوة مستحكمة يقدم ذكرها، ثم تصاهر نور الدين والعادل؛ فإن ولد العادل تزوج بابنة نور الدين، وحسنوا لنور الدين مراسلة العادل والاتفاق معه على أن يقتسما البلاد التي لقطب الدين بن زنكي والولاية التي لمحمود بن سنجر شاه، وهي جزيرة ابن عمر وأعمالها، فيكون ذلك لقطب الدين بن العادل، وتكون الجزيرة لنور الدين، فوافق هذا القول هوى نور الدين فأرسل إلى العادل


(*) يوافق أولها ٦ يوليو سنة ١٢٠٩ م.
(١) الذيل على الروضتين، ص ٩٧؛ مرآة الزمان، ج ٨، ص ٣٥٢، ص ٣٥٣.
(٢) انظر: نهاية الأرب، ج ٢٩، ص ٤٩.
(٣) ورد هذا الخبر بالتفصيل في الكامل، ج ١٠، ص ٣٤٨ - ٣٥٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>