للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[ذكر ماجريات نور الدين]

منها أن نور الدين استدعى ابن أخيه صاحب الموصل (١)، فوصل بالعساكر إلى خدمته، وكانت غزوة عرقا (٢)، فأخذها نور الدين ومعه ابن أخيه، وذلك في المحرم من هذه السنة.

وقال ابن أبي طي: جمع نور الدين عساكره، وخرج إلى عرقا، ونازلها وقاتلها أياما حتى فتحها، واحتوى على ما فيها كلها، وغنم الناس غنيمة عظيمة.

وقال ابن الأثير (٣): خرجت مراكب من مصر إلى الشام، فأخذ الإفرنج من اللاذقية مركبين منها، مملوءين من الأمتعة والتجار، وغدروا بالمسلمين، وكان نور الدين قد هادنهم، فنكثوا. فلما سمع نور الدين الخبر استعظمه، وراسل الفرنج في ذلك (٤)، وأمرهم بإعادة ما أخذوه، فغالطوه، واحتجوا بأمور لا طائل تحتها. فجمع العساكر من الشام والموصل والجزيرة، وبث السرايا في بلادهم؛ بعضهم نحو أنطاكية، وبعضهم نحو طرابلس، وحصر هو حصن عرقا، وأخرب (٥) ربضه، وأرسل طائفة من العسكر إلى حصني صافيتا (٦) وعريمة (٧)، فأخذهما عنوة، وكذلك غيرهما، ونهب وأخرب (٨)، وغنم المسلمون الكثير، وعادوا إليه وهو بعرقة، فسار في العساكر جميعها إلى قريب طرابلس، يخرب ويحرق وينهب. وأما الذين ساروا إلى أنطاكية، فإنهم فعلوا في ولايتها مثلما فعل


(١) هو سيف الدين غازي بن قطب الدين مودود بن عماد الدين زنكي بن آق سنقر، صاحب الموصل، تقلد المملكة بعد وفاة أبيه مودود، توفي يوم الأحد ثالث صفر سنة ٥٧٦ هـ/ ١١٨٠ م. انظر: مفرج الكروب، جـ ١، ص ٢٢٠؛ وفيات الأعيان، جـ ٤، ص ٥٠٤.
(٢) عِرْقَا، عِرْقَة: بلدة في شرقي طرابلس، وهي آخر عمل دمشق، وهي في سفح الجبل، وعلى جبلها قلعة. انظر: معجم البلدان، جـ ٣، ص ٦٥٣؛ ابن خرداذبة: المالك والممالك، ص ٢٥٥، ط، بغداد ١٨٨٩ م.
(٣) وردت هذه الرواية بتصرف في الكامل، جـ ١٠، ص ٣٧؛ انظر أيضا: مفرج الكروب، جـ ١، ص ٢٢٠؛ الروضتين، جـ ١ ق ٢، ص ٥١٦.
(٤) ورد هذا النص باستفاضة في الباهر. ص ١٥٤.
(٥) "أخرب" في الأصل والروضتين، وفي الباهر "وخرب". انظر: الباهر، ص ١٥٤.
(٦) صافيتا: قلعة تقع إلى الشمال من عرقه من أعمال حلب قرب اللاذقية. انظر: العماد الكاتب: الفتح القسي في الفتح القدسي، تحقيق محمد محمود صبح، ص ٢٢٧، حاشية ١.
(٧) عُريْمَة: موضع بين أجا وسلمى. معجم البلدان، جـ ٣، ص ٦٦٢.
(٨) "وخرب" في الباهر، ص ١٥٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>