للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فصل فيما وقع من الحوادث في السنة الحادية بعد السبعين بعد الخمسمائة *

استهلت هذه السنة والخليفة هو المستضيء بأمر الله، والسلطان صلاح الدين مقيم بمرج الصُّفر بدمشق، فجاءه رسول الفرنج يطلب الهدنة، فأجابهم السلطان، بعد أن اشترط عليهم السلطان أمورًا، فالتزموها. وكان الشام ذلك العام جدبًا، فأذن السلطان للعساكر المصرية في الرحيل (١) إلى بلادهم، وإذا استغلوا [المغل] (٢) خرجوا إليه، وسار معه الفاضل، واعتمد على العماد فيما كان بصدده، وواظب السلطان على الجلوس في دار العدل وعلى الصيد، ومدحه العماد بقصيدة منها:

سِواكَ لِسَهْمِ العُلا (٣) لن يريشَا … فنسألُ ربَّ (٤) العُلا أن تعيشا

مِن الناسِ بالبِرِّ صِدْتَ الكِرامَ … وبالبأسِ في البَرِّ صدتَ الوحوشَا

وكمْ سِرتَ من مصرَ نحو العَرِيش … فهدّمتَ للمشركينَ العُروشَا

سَرايَاك تَبعَثُ قُدّامَها … مِنَ الرُّعْبِ نحو الأعادِي جيوشَا

ويوم حَماةَ تركتَ العِداةَ … كما طَيّرتْ بالفَلا الريحُ ريشَا (٥)

قال العماد: وفي أول هذه السنة وصل إلى دمشق الجماعة الذين خرجوا من بغداد موافقة لقطب الدين قايماز.

قلت: هو الذي عصي على الخليفة -على ما ذكرناه- في الوفيات المذكورة في السنة الماضية.

ومن الذين أتَوْا الشام: حسام الدين نُميرك [بن يونس] (٦)، وعز الدين أقبوري بن أزغش، وكان صهر السلطان قديمًا فأقطعه في الديار المصرية. قال العماد (٧): وكان أقبوري زوج أخت السلطان، والسلطان خال بنته، وهي زوجة عز الدين فرخشاه ابن أخي السلطان.


* يوافق أولها ٢٢ يوليو ١١٧٥ م.
(١) "بالرحيل" في نسخة ب.
(٢) ما بين الحاصرتين إضافة لتوضيح النص. انظر: البداية والنهاية، ج ١٢، ص ٣١١.
(٣) "العلي" في نسختى المخطوطة أ، ب، والمثبت هو الصحيح.
(٤) "فنساءل"، كذا في نسخة ب.
(٥) وردت هذه الأبيات من الشعر في الروضتين، ج ١ ق ٢، ص ٦٤٣ - ٦٤٤.
(٦) ما بين الحاصرتين إضافة من سنا البرق الشامي، ص ٩٢.
(٧) ورد هذا النص في أبي شامة الذي ينقل عن العماد. انظر: الروضتين، ج ١ ق ٢، ص ٦٤٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>