للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفيها حج بالناس من بغداد ابن أبي فراس، ومن الشام شجاع الدين علي بن السلار، وكان أبو شامة حج في هذه السنة مع والده، وذكر أنه اجتمع بمكة بالشيخ المقرئ عثمان بن أحمد الإربلي الحنبلي، وأنه أنشده بالمسجد الحرام:

أيا نائما في ظلام الدجى تيقظ … فصيح الدجا قد أضاء

أتاك المشيب ولوعاته … وولي شبابك ثم انقضى

فلو كنتَ تذكر ما قد جنيت … لضاق عليك اتساع الفضا

قال: ونظمت في طريقي تلك السنة قصيدة ميمية، ذكرت فيها المنازل من دمشق إلى عرفات، ووصفت فيها ما أمكن من أماكن الزيارات. أولها:

مازلت أشتاق حج البيت والحرم … وأن أزور رسول الله ذا الكرم

وهي طويلة. قال: أقول فيها تعبيرا عن فتح باب الكعبة للحجيج مطلقا:

وأسرعوا نحو ذاك البيت حاسرة … رؤوسهم بين مطواف ومستلم

والباب قد أطلقوه للحجيج فلم … يروا به مانعا طول مقسامهم (١)

[ذكر من توفي فيها من الأعيان]

أحمد (٢) بن محمد بن على القادسي: الضرير الحنبلي والد صاحب الذيل على تاريخ ابن الجوزي، وكان القادسي هذا يلازم حضور مجلس ابن الجوزي ويزهزه لما سمعه من الغرائب. ويقول: والله [٩] إن ذا مليح. فاستقرض منه ابن الجوزي مرة عشرة دنانير فلم يعطه، وصار يحضر ولا يتكلم. فقال الشيخ ابن الجوزي مرة: هذا القادسي لا يقرضنا شيئًا، ولا يقول: والله إن هذا لمليح. توفي في هذه السنة.

أبو الكرم (٣) المظفر بن المبارك بن أحمد بن محمد البغدادي الحنفي، شيخ مشهد أبي حنيفة (رضي الله عنه) وغيره، وولي الحسبة (٤) بالجانب الغربي من بغداد، وكان فاضلا دينا شاعرا، مات في هذه السنة.


(١) ورد هذا الخبر والشعر في الذيل على الروضتين، ص ١٤٢ - ص ١٤٣؛ مرآة الزمان، ج ٨، ص ٤١٧.
(٢) انظر: الذيل على الروضتين ص ١٤٣ - ١٤٤؛ البداية والنهاية، ج ١٣، ص ١١٣؛ الشذرات، ج ٥، ص ٩٤.
(٣) انظر: البداية والنهاية، ج ١٣، ص ١١٣.
(٤) الحسبة: هي وظيفة شرعية من واجبات صاحبها المحتسب، أن يراقب الآداب العامة، وتنفيذ الأحكام الدينية، من باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ويجلس في دار العدل أيام المواكب السلطانية.
صبح الأعشى، ج ٤، ص ٣٧؛ نهاية الأرب، ج ٢٩، ص ١١٩، حاشية (٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>