للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال ابن كثير (١): ولما وصل السلطان إلى عكا نزل بقلعتها، وأسكن ولده الأفضل برج الداوية، وولي نيابتها عز الدين جرديك، وقد أشار بعضهم على السلطان بتخريب عكا؛ خوفًا من عود الفرنج إليها، فكاد أن يفعل ولم يفعل، فليته فعل، بل وكل بعمارتها وتجديد محاسنها بهاء الدين قراقوش التقوى، ووقف دار الإستبار نصفين على الفقراء والفقهاء، [٤٧] وجعل دار الأسقف مارستانا، ووقف على ذلك كله أوقافا دارة، وولي نظر ذلك لقاضيها جمال الدين ابن الشيخ أبى النجيب، وعاد إلى دمشق مؤيدًا منصورًا رحمه الله (٢).

[ذكر ما جرى بعد دخول السلطان دمشق]

ولما انفصل السلطان عن عكا وتوجه إلى دمشق، جاءته رسل الملوك بالتهاني من سائر الأقطار والأمصار بالتحف والهدايا (٣).

وفي المرآة (٤): ووصل إلى السلطان من بغداد تاج الدين أبو بكر أخو العماد الكاتب، فالتقاه السلطان وأكرمه، وكان معه رسالة تذكرة، مشحونة بالعتاب على أسباب منها: أن الخليفة عتبه لأجل ابن البوشنجي ويلقب بالرشيد، وكان صبيًا لا يؤبه إليه، فخرج إلى الشام واتصل بصلاح الدين، وقيل له: هذا من بيت كبير (٥)، وكان أديبًا فأعجب السلطان، فسأله أن يبعثه إلى بغداد في رسالة، فبعثه، فشق على الخليفة وقال: ما كان عنده غير هذا، وقصر في حقه. فلما عاد إلى السلطان تكلم بكلمات وقال: ما التفت علىّ.

ومنها أن كل من هرب من بغداد ولجأ إلى السلطان يقبل عليه مثل: ميرك، وابن رئيس الرؤساء، وابن هبيرة، وابن أبي النجيب، وأمثالهم.


(١) البداية والنهاية، ج ١٢، ص ٣٤٩.
(٢) البداية والنهاية، ج ١٢، ص ٣٤٩؛ الروضتين، ج ٢ ق ١، ص ٣٧٦ - ص ٣٧٧.
(٣) لمعرفة المزيد من التفاصيل انظر: الفتح القسى، ص ١٨١ - ص ١٨٢؛ البداية والنهاية، ج ١٢، ص ٣٤٩؛ الروضتين، ج ٢ ق ١، ص ٣٧٨.
(٤) مرآة الزمان، ج ٨، ص ٢٥٦.
(٥) إلى هنا توقف العيني عن النقل من مرآة الزمان، ج ٨، ص ٢٥٦، وقد وجد تعليق في نسخة شيكاغو المطبوعة سنة ١٩٠٧ أن هناك "سقط" سنتين. انظر: مرآة الزمان، ج ٨، ص ٢٥٦؛ كذلك وجد هذا "السقط" في نسخة حيدر آباد المطبوعة ١٣٠ هـ/ ١٩٥١، الطبعة الأولى، ج ٨، ص ٤٠٠. ومن الملاحظ أن العماد الأصفهاني ذكر سبب سفارة أخيه إلى السلطان بالتفصيل. انظر: الفتح القسي، ص ١٨٣ - ص ١٨٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>