للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[ذكر قضية الملك العادل مع الفرنج]

وفي هذه السنة (١) انفسخت الهدنة بين المسلمين والفرنج، وجاء الملك العادل من مصر بالعساكر فنزل على بيسان والمعظم عنده في العساكر الشامية، وخرج الفرنج من عكا ومقدمهم الملك الهنكر فنزلوا عين الجالوت في خمسة عشر ألفا، وكان شجاعا مقداما، ومعه جميع ملوك الساحل، فلما أضحوا ركب الهنكر في أوائلهم وقصد العادل، وكان العادل على تل بيسان فنظر فرأى أنه لا قبل له بهم فتأخر. وقال له المعظم: إلى أين؟ فشتمه بالعجمية وقال: بمن أقاتل؟ أقطعت الشام مماليكك وتركت أولاد الناس الذين يرجعون إلى الأصول. وذكر كلامًا في هذا المعنى، وساق فعبر الشريعة (٢) عند برقاء (٣) وجاء الهنكر إلى بيسان وبها الأسواق والغلال والمواشي شيء لا يعلمه إلا الله فأخذ الجميع. وارتفع العادل إلى عجلون ومضى المعظم فنزل بين نابلس والقدس على عقبة اللين (٤) خوفا على القدس، وأقام الفرنج على بيسان ثلاثة أيام ورحلوا طالبين قصر ابن معين الدين، وسار العادل فنزل رأس الماء وصعد الفرنج عقبة (٥) الكرسي إلى خربة اللصوص، والجولان، وأقاموا ثلاثة أيام ينهبون ويقتلون ويأسرون ثم عادوا ونزلوا الغور، وبعث العادل أثقاله إلى بصري ونسائه وأقام على رأس الماء جريدة، ولما نزل الفرنج الغور جاء العادل فنزل عالقين (٦) ثم تزل الفرنج تحت الطور يوم الأربعاء الثامن والعشرين (٧) من شعبان وأقاموا إلى يوم الأحد ثاني رمضان، وكان يوما كثير الضباب فما أحس بهم أهل الطور إلا وهم عند الباب قد ألصقوا رماحهم بالسور، ففتح المسلمون الباب وأخرج إليهم ألف فارس والراجل وقاتلوهم حتى رموهم أسفل الطور.


(١) الذيل على الروضتين، ص ١٠٢ - ١٠٣؛ مرآة الزمان، جـ ٨، ص ٣٨٢ - ٣٨٣؛ البداية والنهاية، جـ ١٣، ص ٨٣ - ٨٤.
(٢) الشريعة: هو نهر الأردن، ويقال له نهر الشريعة. انظر:
أبو الفدا: تقويم البلدان، ص ٣٩.
(٣) برقاء: كل موضع فيه حجارة مختلفة الألوان.
تقويم البلدان، ص ١٢٧.
(٤) اللين: بحثنا ووجدنا اللين في أماكن أخرى وليست ما نريد.
(٥) الكُرْسِيّ: قرية بطبرية. معجم البلدان، ج ٤، ص ٢٦٠.
(٦) عالقين: قرية بظاهر دمشق من الجيدور.
وفيات الأعيان، جـ ٥، ص ٧٨.
(٧) "ثامن عشر في الذيل على الروضتين، ص ١٠٤.
ـ

<<  <  ج: ص:  >  >>