للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[ذكر استيلاء صاحب قبرس على أنطاكية]

وفي هذه السنة (١) استولى صاحب قبرس لعنه الله على مدينة أنطاكية فحصل بسببه شر عظيم، وتمكن من الغارات على بلاد المسلمين لاسيما على التراكمين الذين حول أنطاكيه، فقتل منهم خلقاً كثيراً وغنم من أغنامهم شيئًا كثيراً، فقدر الله عز وجل أن أمكنهم منه في بعض الأودية فقتلوه وطافوا برأسه في تلك البلاد كلها ثم أرسلوه إلى الملك العادل بالديار المصرية، فطيف به هنالك وهو الذي كان قد أغار على بلاد مصر من ثغر دمياط مرتين فقتل وسبي ونهب بلاده فوّه أيضًا، وكان اسمه البال لعنه الله.

[ذكر محاصرة طغريل شاه كيكاوس سلطان الروم]

وفي هذه السنة سار طغريل شاه بن قليج أرسلان صاحب أرزن الروم وحاصر ابن أخيه سلطان الروم كيكاوس بمدينة سيواس، واستنجد كيكاوس بالملك الأشرف (٢) بن الملك العادل، فخاف عمّه طغريل شاه ورحل عنه، وكان لكيكاوس أخ اسمه كيقباذ فلما جرى ما ذكرناه سار كيقباذ واستولى على أنكورية (٣) من بلاد أخيه كيكاوس، وسار كيكاوس وحصره وفتح أنكورية وقبض على أخيه كيقباذ وحبسه وقبض على أمرائه وحلق رؤوسهم ولحاهم وأركب كل واحد منهم فرسًا وأركب خلفه وقدامه قحبتين (٤) وبيد كل واحد منهما مغلاق تصفعه به وبين أيديهم مناد ينادي هذا جزاء من خان سلطانه.

[ذكر بقية الحوادث]

منها أن الوزير صفي الدين بن شكر عُزل واحتيط على أمواله ونفي إلى الشرق وهو الذي كان قد كتب إلى الديار المصرية بنفي الحافظ عبد الغني إلى الغرب، فتوفي الحافظ قبل أن يصل كتابه، وكتب الله نفيه (٥) إلى الشرق. قال بيبرس (٦): عزل صفي الدين وزير العادل عن الوزارة ورفعت يده ولزم داره. وقال مظفر الأعمى (٧) فيه:


(١) ورد هذا الخبر في الذيل على الروضتين، ص ٨١؛ البداية والنهاية، جـ ١٣، ص ٧٠.
(٢) وفيات الأعيان، جـ ٥، ص ٣٣١.
(٣) أنكورية: تقع في آسيا الصغرى في بلاد الروم، وتسمى حالياً "أنقره". انظر بلدان الخلافة الشرقية، ص ١٧٤.
(٤) "خاطيتين" في مفرج الكروب، جـ ٣، ص ٢١٨.
(٥) نفيه: الضمير هنا يعود على الوزير ابن شكر.
(٦) انظر نهاية الأرب، جـ ٢٩، ص ٥٥ - ص ٥٩.
(٧) مظفر الأعمى هو مظفر بن إبراهيم بن جماعة بن علي بن الشامي بن أحمد بن ناهض بن عبد الرزاق العيلاني، توفي سنة ٦٢٣ هـ. انظر ترجمته في وفيات الأعيان، جـ ٥، ص ٢١٣ - ص ٢١٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>