للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فصل فيما وقع من الحوادث في السنة الخامسة عشرة بعد الستمائة (*)

استهلت هذه السنة والخليفة الناصر لدين الله، ولكن وقعت في هذه السنة أمور عظيمة منها قضية الفرنج، ومنها وفاة السلطان الملك العادل، ووفاة الملك القاهر صاحب الموصل، ووفاة نور الدين أرسلان شاه بن القاهر المذكور، ومنها خروج التتار إلى بلاد الإسلام وظهورهم في هذه الأيام، فلنتبين ذلك مفصلا بعون الله وتوفيقه إن شاء الله.

[ذكر قضايا الفرنج]

منها (١) نزول الفرنج على ثغر دمياط المحروس وهي النوبة المعروفة بالمنصورة الأولة. قال بيبرس: لما كان يوم الثلاثاء [٣٧٤] الثالث من ربيع الأول من هذه السنة نزل الفرنج على دمياط في جمع كثير وجم غفير ونازلوها، وكان الملك الكامل قد سار إليها بعساكر الديار المصرية فاتصل القتال بين الفئتين أيامًا ويحيل الفرنج على برج السلسلة فعملوا برجًا من الصواري على بطسة كبيرة، وأقلعوا بها حتى أسندوها على البرج وقاتلوا المسلمين الذين فيه إلى أن ملكوه منهم، ولما اشتدّ أمر الفرنج بثغر دمياط توجه الملك العادل إلى دمشق ليمد ولده الكامل بالعساكر. وقال ابن كثير (٢): استهلت هذه السنة والملك العادل نازل بمرج الصفر. لمحاصرة الفرنج، وأمر ولده المعظم بتخريب حصن الطور فخربه ونقل ما فيه من الآلات والأشياء المعدة للحرب إلى البلدان خوفا عليها من الفرنج، وكان جموع الفرنج بمرج عكا ثم ساروا منها إلى الديار المصرية ونزلوا على دمياط وسار الملك الكامل بن العادل من مصر ونزل قبالتهم، واستمر الحال كذلك أربعة أشهر، وأرسل الملك العادل العساكر التي عنده إلى عند ابنه الكامل فوصلت إليه أولًا فأول، ولما اجتمعت العساكر عند الملك الكامل أخذ في قتال الفرنج ودفعهم عند دمياط وكان نزول الفرنج على دمياط، في ربيع الأول وأخذوا برج السلسلة في جمادي الأولى، وكان حصنا منيعًا وهو كالقفل على ديار مصر، وصفته أنه في وسط جزيرة في النيل عند انتهائه إلى البحر ومن هذا البرج إلى دمياط وهي على شاطئ البحر وحافة النيل سلسلة ومنه إلى الجانب الآخر، فلما ملكت الفرنج هذا البرج شق ذلك على المسلمين


(*) يوافق أولها ٣٠ مارس سنة ١٢١٨ م.
(١) ورد هذا الخبر في البداية والنهاية، جـ ١٣، ص ٨٦؛ مرآة الزمان، جـ ٨، ص ٣٨٩؛ الذيل على الروضتين، ص ١٠٨.
(٢) البداية والنهاية، جـ ١٣، ص ٨٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>