للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[(الثالث) في وفاته]

قد ذكرنا أنه كان نازلا بمرج الصُّفر، وقد أرسل العساكر إلى ولده الملك الكامل، لأجل الفرنج الذين اجتمعوا على دمياط، ثم رحل من مرج الصفر إلى عالقين بفتح العين المهملة وبعد الألف لام مكسورة ثم قاف مكسورة ثم ياء آخر الحروف ساكنة ثم نون، وهي قرية بظاهر دمشق، قاله ابن خلكان (١)، وقال غيره: هي قرية عند عقبة فيق فنزل بها ومرض واشتد مرضه، ثم توفي هناك في سابع جمادى الآخرة من هذه السنة.

وفي المرآة (٢): وسبب موته انزعاجه من الخبر الذي جاءه من دمياط؛ أن الفرنج استولوا على بُرج السلسلة، فَدَقَّ بيده على صدره وأقام مريضا إلى يوم الجمعة سابع جمادى الآخرة، فتوفي بعالقين.

ولما توفي لم يعلم بموته غير كريم الدين الأخلاطي، فأرسل الطير إلى الملك المعظم بنابلس، فجاء المعظم يوم السبت إلى عالقين فاحتاط على الخزائن وصَبَّر العادل وجعله في محفة وعنده خادم يروِّح عليه، وقد رفع طرف سجافها وأظهر أنه مريض، ودخلوا به دمشق يوم الأحد والناس يُسَلِّمون على الخادم وهو يُومئ إلى ناحية العادل، أي أنه يُعلمُه بمن يُسلم. ودخلوا به إلى القلعة وكتموا موته. قال السبط: ومن العجائب أنهم طلبوا له كفنا فلم يقدروا عليه، فأخذوا عمامة الفقيه النجيب ابن فارس فكفنوه بها، وأخرجوا قطنا من مخدة فلفوه به، ولم يقدروا على فأس فسرق كريم الدين فأسًا من الخندق فحفروا له به في القلعة، وصلى عليه وزيره ابن فارس ودفنوه في القلعة. قال السبط: وكنت قاعدًا إلى جانب المعظم عند باب الدار التي فيها الإيوان وهو واجم ولم أعلم بحاله، فلما دفن أبوه قام قائما وشق ثيابه ولطم على رأسه ووجهه، وكان يوما عظيما وعمل له العزاء ثلاثة أيام بالإيوان الشمالي، وعمل له العزاء في جميع البلاد، ونودي في بغداد من أراد الصلاة على الملك العادل الغازي المجاهد في سبيل الله فليحضر إلى جامع القصر، فحضر الناس ولم يتخلف سوى الخليفة، وصلوا عليه صلاة الغائب وترحموا عليه، وتقدموا إلى خطباء الجوامع بأسرهم ففعلوا ذلك بعد صلاة الجمعة.


(١) وفيات الأعيان، جه، ص ٧٨.
(٢) مرآة الزمان، ج ٨، ص ٣٩١ - ٣٩٢؛ الذيل على الروضتين، ص ١١٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>