للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالجامكية والجراية، يُحرِّمون أحدا يدخل دمشق بمنكر، فكان أهل الفساد يتحيلون ويجعلون زقاق الخمر في الطبول ويدخلون بها إلى دمشق، فمنع من ذلك.

وقال السبط (١): وبلغني أن بعض المغنيات دخلت على العادل في عرس، فقال لها: أين كنت؟ قالت: ما قدرتُ أجئُ حتى وَفِّيْتُ ما عَلىَّ للضامن. فقال: وأي ضَامنٍ؟ قالت: ضامن القِيان، فقامت عليه القيامة، وطلب المعتمد فأنكر عليه فقال: والله لئن عاد ما بلغني مثل هذا لأفعلن ولأصنعن.

وفي تاريخ ابن كثير (٢): وكان العادل ماسك اليد لكنه أنفق في أيام الغلاء بمصر أموالا عظيمة جدًا، وتصدق على أهل الحاجة من أبناء الناس وغيرهم شيئا كثيرًا، ثم في العام [الذي] (٣) بعده في الفناء كَفَّنَ ثلاثمائة ألف إنسان من الغرباء. وكان كثير الصدقة في أيام مرضه؛ يخلعُ جميع ما عليه ويتصدق به، وبمركوبه وما يحبه من أمواله.

وقال السبط (٤): ولقد فعل العادل في غلاء مصر عقيب موت العزيز ما لم يفعله غيره؛ كان يخرجُ في الليل بنفسه ومعه الأموال يفرِّقها في أرباب البيوتات والمساكين، ولولاه لمات الناس كلهم.

وقال ابن خلكان (٥): وكان العادل ملكا عظيما ذا رأى ومعرفة تامة قد حنكته التجارب، حسن السيرة، جميل الطوية، وافر العقل، حازمًا في الأمور، صالحا محافظا على الصلوات في أوقاتها، متبعا لأرباب السنة، مائلا إلى العلماء، حتى صَنَّف له فخر الدين الرازي كتاب "تأسيس التقديس" وذكر اسمه في خطبته، وسيره إليه من بلاد خراسان. وبالجملة فإنه كان رجلا مسعودًا حتى في أولاده، فإنهم كانوا نجباء على ما نذكرهم عن قريب.

وفي تاريخ ابن العميد: كان جميل السيرة حسن العقيدة، كبير السياسة حازم الرأي، ذا معرفة بدقائق الأمور، وكان مسعودا في جميع أموره، وعاش عيشا رغدًا.


(١) مرآة الزمان، ج ٨، ص ٣٩١؛ الذيل على الروضتين، ص ١١١.
(٢) البداية والنهاية، ج ١٣، ص ٨٧.
(٣) ما بين الحاصرتين إضافة الاستقامة المعنى.
(٤) مرآة الزمان، ج ٨، ص ٣٩١؛ الذيل على الروضتين، ص ١١١.
(٥) وفيات الأعيان، ج ٥، ص ٧٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>