للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال السبط: ولد جَدّي ببغداد بدرب حبيب في سنة عشر وخمسمائة، وتوفى أبوه وله ثلاث سنين، وكانت له عمة صالحة، وكان أهله تجارًا في النحاس ولهذا رأيت في بعض سماعاته.

وكتب عبد الرحمن الصفّار، فلما ترعرع حملته عمته إلى مسجد أبي الفضل بن ناصر فاعتني به وأسمعه الحديث، وقرأ القرآن وتفقه. وقد ذكر من مشايخه في المشيخة نيفًا وثمانين شيخًا، وعنى بأمره شيخه ابن الزاغوني وعلمه الوعظ، واشتغل بفنون العلوم وأخذ اللغة عن أبي منصور الجواليقي، وصنف الكتب في فنون، قيل بلغت مصنفاته نحو ثلثمائة مصنف، وقال ابن كثير: نحوا من أربعمائة (١) مصنف على ما نذكره إن شاء الله. وحضر مجالسة الخلفاء والوزراء والعلماء والأعيان [٢٦٢] وأقل ما كان يحضر مجلسه عشرة آلاف، وربما حضر عنده مائة ألف، وأوقع الله له في القلوب القبول والهيبة، وكان يجلس بجامع القصر والرصافة والمنصور وباب بدر وتربة الخليفة وغيرها. وقال ابن كثير: وربما تكلم من خاطره على البديهة نظمًا ونثرًا، وقد كان فيه تيه (٢) وترفع في نفسه ويسمو بنفسه أكثر من مقامه، وذلك ظاهر في نثره ونظمه فمن ذلك قوله:

ما زلت أدرك ما غلا بل ما علا … وأكابد النهج القويم (٣) الأطولا

وتجر (٤) بي الآمال في حلباته … جرى السعيد مدى ما أملا (٥)

يقضى بي التوفيق فيه إلى الذي … أعيا (٦) سواي توصلا وتغلغلا

لو كان هذا العلم شخصًا ناطقًا … وسألته هل زُرت مثلي قال لا

(الثاني) في سيرته: قال ابن كثير: كان صيّنا دينا مجموعًا على نفسه، لا يخالط أحدًا، ولا يأكل ما فيه شبهة، ولا يخرج من بيته إلا للجمعة. (٧)


(١) في البداية والنهاية، جـ ١٣، ص ٢٨ "ثلاثمائة".
(٢) في الأصل "تام" والصحيح ما أثبتناه أما العبارة في ابن كثير "كان فيه بهاء وترفع" ......
(٣) العسير" في البداية والنهاية، جـ ١٣، ص ٢٩؛ الجامع المختصر، جـ ٩، ص ٦٧.
(٤) "تجرى" في البداية والنهاية، جـ ١٣، ص ٢٩؛ الجامع المختصر، ج ٣، ص ٦٧.
(٥) "طلق السعيد جرى أبدًا ما أملا" كذا في الأصل والمثبت من البداية والنهاية، جـ ١٣، ص ٢٩.
(٦) "أعمى" كذا في الأصل والمثبت من البداية والنهاية، جـ ١٣، ص ٢٩.
(٧) نقل العيني هذا الخبر بتصرف من البداية والنهاية، جـ ١٣، ص ٢٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>