للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقال العماد الكاتب: وأشرفنا على جبلة يوم الجمعة (١) الثامن عشر، وتسلمنا الحصن في ذلك اليوم، وأقام السلطان بها أيامًا. وفي النوادر (٢): ولما كان مستهل ربيع الآخر نزل السلطان على تل قبالة حصن الأكراد، ثم سير إلى الملك الظاهر ولده، والملك المظفر بأن يجتمعا وينزلا على تيزِينَ قبالة أنطاكية لحفظ ذلك الجانب، فسارا حتى نزلا تيزين في هذا التاريخ، وسَارت عساكر الشرق حتى اجتمعت بالسلطان في هذه المنزلة (٣)، فأقام في منزلته هذه ربيع الآخر أجمع، وصعد في أثنائه إلى حصن الأكراد، وحاصرها يومًا يحبسها به، فما رأى الوقت يحتمل حصاره. واجتمعت العساكر من الجوانب، وأغارَ على بلد طرابلس في هذا الشهر دفعتين، ودخل البلادُ مغيرًا ومختبرًا لمن بها من العساكر، وتقوية العساكر. ولما كان يوم الجمعة الرابع من جمادى الأولى، رحل على تعبية لقاء العدو، ورتّب الأطلاب وسارت الميمنة أولًا، ومقدّمها عماد الدين زنكي، والقلب في الوسط، والميسرة في الأخير ومقدّمها مظفر الدين بن زين الدين، وسار الثقل في وسط القلب حتى أتى المنزل، ثم رحل في صبيحة السبت، ونزل على العُريمة (٤) فلم يقاتلها ولم يعرض لها، ولكن أقام عليها بقية يوم السبت، ورحل عنها يوم الأحد، ووصل إلى أنطرسوس (٥) ضحوة نهار الأحد السادس من جمادى الأولى.

[ذكر فتح أنطرسوس]

ولما وصل إلى أنطرسوس في التاريخ المذكور، فوقف قبالتها ينظر إليها. وكان في عزمه الاجتياز، ثم اختار النزول، فأمر الميمنة والميسرة بالنزول على البحر من الجانبين، ونزل هو أيضًا في جانب آخر، فأحدقتها العساكر من البحر إلى البحر، وهي مدينة راكبة على البحر ولها بُرجان حصينان كالقلعتين، ثم أمر الناس بالزحف والقتال وشدّوا عليها جدًا، وما استتم نصب الخيم حتى صعد الناس السُورَ وأخذوها عنوة، وغنم العسكر جميع ما فيها، وخرج الناس والأسرى بأيديهم وأموالهم. وترك الغلمان نصب الخيم،


(١) "الخميس" كذا في الأصل. والمثبت من الفتح القسي، ص ٢٣٣، حيث ينقل العينى عنه؛ النوادر السلطانية، ص ٨٩؛ الروضتين، ج ٢، ص ١٢٧.
(٢) النوادر السلطانية، ص ٨٦.
(٣) النوادر السلطانية، ص ٨٦.
(٤) العريمة: بلد تتاخم الدهناء، وكان حصنًا قويًا من الحصون التي دخلت في نطاق نفوذ إمًارة طرابلس اللاتينية. انظر: الفتح القسى، ص ٢٢٧، حاشية ٢.
(٥) النوادر السلطانية، ص ٨٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>