للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[ذكر ماجريات جلال الدين بن خوارزم شاه]

قدم من بلاد الهند إلى كرمان في هذه السنة، وقد ذكرنا أنه هرب من غزنة لما قصده جنكيزخان في سنة سبع عشرة وستمائة، ثم بعد قدومه إلى كرمان قدم إلى أصفهان واستولى عليها وعلى باقي عراق العجم، ثم سار إلى فارس وانتزعها من أخيه غياث الدين تترشاه وأعادها إلى صاحبها سعد بن دكلا صاحب بلاد فارس وصار سعد وغياث الدين المذكوران (١) تحت حكم جلال الدين وفي طاعته، ثم استولى على خوزستان (٢)، وكانت للخليفة الناصر لدين الله، ثم سار حتى قارب بغداد ووصل إلى باعقوبا، وخاف أهل بغداد منه واستعدوا للحصار، ونهبت الخوارزمية البلاد، وأمتلأت أيديهم من الغنائم، وقوى جلال الدين وجمع عسكره الخوارزمية ثم سار إلى قريب إربل، فصالحه صاحبها مظفر الدين ودخل في طاعته، ثم سار إلى أذربيجان، وكرسي مملكتها تبريز، واستولى علي تبريز، وهرب صاحب أذربيجان وهو أزبك بن البهلوان بن الدكز، وكان أزّبك قد قوى أمره لما قتل طغريل آخر الملوك السلجوقية ببلاد العجم، فاستقل أزبك المذكور في المملكة، وكان أزبك لا يزال مشغولا بشرب الخمر وليس له التفات إلى تدبير المملكة، فلما استولى جلال الدين علي تبريز هرب أزبك إلى كنجة، وهي من بلاد أران قريب بردعة، متاخمة لبلاد الكرج، واستقل السلطان جلال الدين بملك أذربيجان، وكثرت عساكره، واستفحل أمره، ثم جرى بينه وبين الكرج قتال شديد، انهزمت فيه الكرج وتبعهم الخوارزمية يقتلونهم كيف شاءوا، واتفق أنه ثبت على [١٧] قاضي تبريز وقوع الطلاق من أزبك بن البهلوان على زوجته بنت السلطان طغريل آخر الملوك السلجوقية الذي ذكرناه، فتزوج جلال الدين بنت طغيل المذكور، وأرسل جيشا إلى مدينة كنجة ففتحوها وهرب مظفر الدين أزبك بن البهلوان من كنجة إلى قلعة هناك، ثم هلك وتلاشى أمره (٣).


(١) "المذكورين" كذا في الأصل، والصحيح لغة ما أثبتناه.
(٢) خوزستان: اسم لجميع بلاد الخوز متاخم نواحي تستر وجنديسابور، وناحية أيدج وأصفهان.
انظر: معجم البلدان، ج ٢، ص ٤٩٤.
(٣) لمعرفة المزيد عن هذا الحدث.
انظر: الكامل في التاريخ، ج ١٢، ص ٤٢٥ - ص ٤٢٨؛ سيرة جلال الدين منكبرتي، ص ١٧٤، ص ٢١٢؛ مفرج الكروب، ج ٤، ص ١٥٢ - ١٥٥؛ المختصر في أخبار البشر، ج ٣، ص ١٣٤ - ص ١٣٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>