للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحروب بينهم، ثم تراسلوا في الصلح. واجتمع صاحب الجزيرة يملك الإنكتار، وحمل له هدايا وتحفاً. ووسع له الأزواد وبذل له الأمداد (١).

وقال صاحب النوادر (٢): وكان ملك الإنكتار هذا شديد البأس بينهم، عظيم الشجاعة، قوى الهمة، له وقعات عظيمة، وجسارة على الحرب، ولكنه دون ملك الإفرنسيس في الملك والمرتبة، ولكنه أكثر مالاً منه، وأشهر في الحرب والشجاعة، وكان الفرنج على عكا منتظرين ما يكون بين الطائفتين منهم.

ولما كان يوم الأحد سلخ ربيع الآخر من هذه السنة، وصلت كتب من بيروت تخبر أنه قد أخذ من مراكب الإنكتار، القاصدة نحو عسكر العدو، خمس مراكب وطرادة، فيها خلق كثير من الرجال والنساء والميرة والأخشاب والآلات وغير ذلك، وفيها أربعون فرساً. وكان ذلك فتحاً عظيماً، استبشر به المسلمون.

[ذكر وصول العساكر الإسلامية]

لما انفتح البحر وطاب الزمان، وجاء أوان عود العساكر إلى الجهاد من الطائفتين، قدم من العساكر الإسلامية خلق كثير، فكان أول من قدم علم الدين سليمان بن جندر، من أمراء الملك الظاهر غازى (٣) ولد السلطان صاحب حلب، وكان شيخاً كبيراً مذكوراً، له وقائع، ذو رأى حسن، والسلطان يحترمه ويكرمه لقدم صحبته. ثم قدم بعده مجد الدين بن عز الدين فروخشاه بن شاهنشاه صاحب بعلبك، وتتابعت بعد ذلك العساكر الإسلامية من كل صوب (٤).

[ذكر زحف العدو إلى عكا]

لما كان يوم الخميس الرابع من جُمادى الأولى من هذه السنة، زحف العدو إلى البلد ونصبوا عليه مناجيق سبعاً (٥). ووصلت كتب عكا بالاستنفار العظيم، والتماس شغل العدو عنهم.


(١) ينقل العينى بتصرف من الفتح القسى، ص ٤٧٧ - ٤٧٨؛ البداية والنهاية، جـ ١٢، ص ٣٦٤.
(٢) ينقل العيني بتصرف من النوادر السلطانية، ص ١٥٧ - ١٥٨؛ الفتح القسى، ص ٤٧٨.
(٣) هو أبو الفتح غازى ابن السلطان صلاح الدين الملقب الملك الظاهر غياث الدين صاحب حلب، كانت ولادته بالقاهرة سنة ٥٦٨ هـ، وتوفى بقلعة حلب سنة ٦١٣ هـ. انظر: وفيات الأعيان، جـ ٤، ص ٦ - ١٠.
(٤) ينقل العينى هذا النص بتصرف من النوادر السلطانية، ص ١٥٦.
(٥) النويرى: نهاية الأرب، جـ ٢٨، ص ٤٣٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>