للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بديار مصر وغيرها، وحين وصل الخبر إلى الملك العادل وهو بمرج الصفر تأوه شديدا ودق بيده على صدره أسفًا وحزنا ومرض من ساعته مرض الموت لأمر يريده الله تعالى، وتوفي يوم الجمعة سابع جمادى الآخرة. كما نذكره عن قريب إن شاء الله تعالى (١).

ولما انتهى الخبر بموته إلى ابنه الكامل وهو مثاغر تجاه الفرنج بدمياط فتَّ ذلك في أعضاد المسلمين وضعفوا، ثم بلغه خبر آخر إن الأمير عماد الدين أحمد بن سيف الدين على بن أحمد المشطوب وكان مقدما عظيما في الأكراد الهكارية وكان أكبر أمير في مصر قد أراد أن يبايع للفائز عوضا عن الكامل، فساق وحده جريدة من دمياط قاصدًا إلى مصر لاستدراك هذا الخطب الجسيم، ولما فقده الجيش من بينهم اختل نظامهم واعتقدوا أن قد حدث أمر أكثر مما قد بلغهم فركبوا وراءه فدخلت الفرنج حينئذ بالأمان إلى الديار المصرية واستحوذوا على معسكر الكامل وأثقاله وحواصله وحواصل الجيش، فوقع أمر عظيم جدًا ودخل الكامل إلى مصر فلم يقع مما ظنه شيء وهرب منه ابن المشطوب إلى الشام، ثم ركب في الجيش إلى الفرنج فإذا الأمر قد تزايد وقد تمكنوا هناك من البلاد وقتلوا خلقا وغنموا شيئا كثيرا، وعاثت هنالك أعراب على أموال الناس ببلاد دمياط فكانوا أضر على المسلمين من الفرنج فنزل الكامل تجاههم يمانعهم عن الدخول إلى القاهرة ومصر بعد أن كان يمانعهم عن الدخول إلى الثغر، وكتب إلى أخوته يستحثهم ويستنجدهم ويقول الوحا الوحا العجل العجل، أدركوا المسلمين وألحقونا قبل أن يملك الإفرنج جميع الديار المصرية، فأقبلت العساكر [٣٧٥] الإسلامية عند ذلك من كل مكان. فكان أول من قدم عليه أخوه الملك الأشرف موسى صاحب الجزيرة، ثم الملك المعظم، فكان من أمرهم مع الفرنج ما سنذكره إن شاء الله (٢) تعالى.

ومن قضايا الفرنج أن الملك المعظم التقى بهم على القيمون (٣) فكسرهم وقتل منهم خلقًا كثيرًا وأسر من الداوية مائة فأدخلهم في القدس منكسة أعلامهم (٤).

[ذكر وفاة الملك العادل رحمه الله]

والكلام فيه على أنواع:


(١) البداية والنهاية، ج ١٣، ص ٨٦؛ الذيل على الروضتين، ص ١٠٩؛ مرآة الزمان، ج ٨، ص ٣٨٩.
(٢) ورد هذا الخبر في البداية والنهاية، ج ١٣، ص ٨٧، ص ٨٨.
(٣) القَيْمُون: انظر ما سبق، جـ ٢، ص ٧٠، حاشية (١).
(٤) انظر: الذيل على الروضتين، ص ١٠٩؛ مرآة الزمان، ج ٨، ص ٢٨٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>