للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الظهر حضر السلطان بقبة الصخرة، وكان جماعة من الأكابر والعلماء قد رشحوا أنفسهم للخطبة في ذلك اليوم، وألفوا خطباً يخطبون بها، فلما كان وقت الخطبة رسم السلطان اللقاضي محيي الدين بن زكي الدين أن يخطب، فرقى المنبر بأهبة السواد العباسية، وخطب خطبة بديعة، ثم أن السلطان -رحمه الله - أقام حرمته فوق ما كانت (١).

وفي المرآة (٢): وكان حضر مع السلطان هذا الفتح زهاء على عشرة آلاف عمامة من جميع الأجناس، وتطاول جماعة من الأعيان إلى الخطابة، فتذكر السلطان قول ابن زكي الدين:

وفتحه حلباً بالسيف في صفر … مبشر بفتوح القدس في رجب

قال القاضي الفاضل:

فقد أنطق الله السلطان بالغيب، فأعطاه الخطابة. وابن زكي الدين قاضي القضاة بدمشق.

وقال ابن القادسي في ذيله: إن صلاح الدين خطب بالبيت المقدس. وهو وَهْم منه.

ثم إن السلطان [٤٤] فرق الأموال التي أخذها من الإفرنج، وكانت نيفاً وثلاثمائة ألف دينار، على العلماء والفقهاء والصوفية (٣).

[ذكر ما فعله السلطان صلاح الدين بعد فتحة القدس]

فمن ذلك تفرقته الأموال التي أخذها من الإفرنج كما ذكرنا، ومن ذلك أنه جلس بعد صلاة الجمعة بعد أن خطب الخطيب ودعى للخليفة العباسي وللسلطان الملك الناصر صلاح الدين، وسمع وعظ الشيخ زين الدين أبو الحسن علي بن نجا المصرى (٤)،


(١) انظر تفصيل ذلك في مفرج الكروب، ج ٢، ص ٢١٨ - ٢٢٨؛ البداية والنهاية، ج ١٢، ص ٣٤٦.
(٢) مرآة الزمان، ج ٨، ص ٢٥٤.
(٣) مرآة الزمان، ج ٨، ص ٢٥٤.
(٤) زين الدين أبو الحسن علي بن إبراهيم بن نجا، ويعرف بابن نجية الفقيه الحنبلي، توفي سنة ٥٩٩ هـ. انظر: الشذرات، ج ٤، ص ٣٤٠ - ص ٣٤١؛ النجوم الزاهرة، ج ٦، ص ١٨٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>