للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الدولة؛ لأنه طلب منه بعلبك فامتنع، فخرج صلاح الدين من دمشق، ونزل على بعلبك، وأقام سبعة أشهر يحاصرها، فنفذ ما عنده، فأرسل إلى السلطان يطلب العوض، فأعطاه بَارين (١) وكفر طاب (٢)، وخرج شمس الدين بن المقدم إليها، وسَلَّمَ صلاح الدين بعلبك إلى أخيه شمس الدولة.

وقال ابن كثير (٣): وكان صلاح الدين نازلا على ظاهر حمص، ولم يجيء إلى خدمته ابن المقدم المذكور؛ لأنه بلغه أن أخاه توران شاه طلب بعلبك منه فأطلقها له، فامتنع ابن المقدم من الخروج إليه لذلك. وجاء السلطان إلى دمشق، ثم حضر إلى بعلبك بنفسه، فحصره فيها من غير قتال، حتى جاءت الأمطار والثلوج والبرد، فعاد إلى دمشق في رجب، ووكل بالبلد من يحصره بغير قتال، ثم حصل التعويض، فخرج كما ذكرنا.

[ذكر تجهيز صلاح الدين ابن أخيه فرخشاه بن شاهنشاه بن أيوب لغزو الإفرنج]

وفي هذه السنة جهز صلاح الدين المذكورَ بين يديه؛ لقتال الفرنج الذين قد عزموا على قتال المسلمين، وعاثوا في نواحي دمشق وقراها بالفساد، وأمره أن يداريهم حتى يتوسطوا البلاد، ولا يقاتلهم حتى يقدم عليه، فلما التقوا عاجلوه بالقتال، فكسرهم وقتل من ملوكهم صاحب الناصرة (٤)، وهو [الهنفري] (٥)، وكان من أكابر ملوكهم، وركب صلاح الدين (رحمه الله) في إثر ابن أخيه، فما وصل إلى الكسوة حتى تلقته الرؤوس على الرماح والغنائم والأسرى.


(١) بارين هي بعرين: مدينة حسنة بين حلب وحماة من جهة الغرب. معجم البلدان، جـ ١، ص ٤٦٦.
(٢) كفر طاب: بلدة بين المعرة ومدينة حلب. معجم البلدان، جـ ٤، ص ٢٨٩.
(٣) انظر: البداية والنهاية، جـ ١٢، ص ٣٢٠.
(٤) الناصرة: قرية بينها وبين طبرية ثلاثة عشر ميلًا، ولد فيها السيد المسيح عيسى بن مريم، ومنها اشتق اسم النصارى، معجم البلدان، جـ ٤، ص ٧٢٩.
(٥) "الكنفري" في نسختى المخطوطة أ، ب. والمثبت بين الحاصرتين من الروضتين، جـ ٢ ق ١، ص ١٥؛ الكامل، جـ ١٠، ص ٩٣؛ البداية والنهاية، جـ ١٢، ص ٣٢٠.
والهنفري هو (Honfroi) صاحب حصن بانياس جنوب غربي دمشق. انظر: السلوك، جـ ١، ص ٦٧ حاشية ٢؛ كذلك انظر Lane- Poole، Saladin، p. ١٥٧ حيث ورد الاسم: (Humphrey of Toron) .

<<  <  ج: ص:  >  >>