للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال أبو الفتح المنشئ: قاسي السلطان خوارزم شاه من الشدائد والجفلات إلى أن مات بالجزيرة في بحر قلزم، ولما عبر نهر جيحون وصل إليه [٤٠٤] عماد الملك محمد بن السديد الساري وزير ابنه ركن الدين صاحب العراق، وقد كان ركن الدين وجهه إلى باب السلطان لقضاء أشغاله، ثم رحل السلطان من حافة جيحون إلى نيسابور، ولم يقم بها الإساعة من نهار من رعب تمكن في صدره، وسار إلى جهة العراق، ونزل بمرج دولة أباد وهي من أعمال همذان، وأقام بها أيامًا يسيرة ومعه من عسكره مقدار عشرين ألف فارس، فلم يدر الإصبيحة الغارة، فهرب هو بنفسه، وشمل القتل جل أصحابه، وقتل عماد الملك الوزير، وجاء السلطان إلى بلد الجبل ثم منها إلى حافة البحر، وأقام عند الفرضة بقرية من قراها، فيحضر المسجد ويصلى به إمام الفريضة في القرية، فأقام بها إلى أن كبسة التتار بها ومعهم ركن الدين كبود خانه، وكان السلطان قد قتل عمه نصرة الدين [وابن عمه] (١) عز الدين كيخسرو، فانتهز ركن الدين الفرصة في هذا الوقت، ولكنه فاتهم حيث ركب المركب، ووقعت منهم سهام في المركب، وخاض خلفه طائفة من التتار حرصًا على أخذ السلطان (٢).

[ذكر ما فعل هؤلاء السرايا في بلاد الإسلام]

ولما فاتهم السلطان خوارزم شاه بركوبه البحر توجهوا إلى نهب البلاد وأخذها، فقصدوا الرى فدخلوها على حين غفلة من أهلها، فقتلوهم وسبوهم وأسروهم، ثم صاروا إلى همذان فملكوها ثم إلى زنجان (٣) فقتلوا وأسروا وسبوا، ثم قصدوا قزوين (٤) فنهبوها وقتلوا من أهلها نحوًا من أربعين ألفا، ثم قصدوا بلاد أذربيجان، فصالحهم ملكها أزبك ابن البهلوان (٥) على مال حمله إليهم لشغله بما هو فيه من السكر وارتكاب السيئات


(١) [وابن عمه] ما بين حاصرتين إضافة من سيرة منكبرتي لاستقامة المعنى، ص ١٠٦.
(٢) وردت هذه الأحداث في سيرة منكبرتي، ص ١٠٤ - ص ١٠٦.
(٣) زنجان: بلد كبير من نواصى الجبال بين أذربيجان وبينها (الجبال) وهي قريبة من أبهر وقزوين. معجم البلدان، ج ٢، ص ٩٤٨.
(٤) قزوين: مدينة مشهورة بينها وبين الرى سبعة وعشرن فرسخًا. معجم البلدان، ج ٤، ص ٨٨.
(٥) أزبك بن البهلوان: هو أحد غلمان السلجوقية، وصاحب إقليم أذربيجان وآرّان، تزوج بابنة السلطان طغرل السلجوقي انظر: مفرج الكروب، ج ٤، ص ٤٧، ص ٥٢، ص ١٥٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>