للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ألف دينار. وفي تاريخ الدولتين (١): قرئت نسخة سجل بإسقاط المكوس بمصر على المنبر بالقاهرة، في التاريخ المذكور عن السلطان الملك الناصر في أيام نور الدين، فهو كان الآمر، وذاك المباشر.

[ذكر وقوع النفرة بين نور الدين وصلاح الدين]

وذلك أن نور الدين غزا في هذه السنة بلاد الإفرنج (٢) في السواحل، فأحل بهم بأسًا شديدًا، ثم عزم على محاصرة الكرك، وكتب إلى صلاح الدين؛ أن يلاقيه بالعساكر المنصورة إلى بلاد الكرك؛ ليجتمعا هناك على المصالح، فيما يعود نفعه على المسلمين (٣). فتوهم من ذلك صلاح الدين، وخاف أن يكون لهذا الأمر غائلة، يزول بها ما حصل له من التمكين، ولكنه ركب في جيشه من الديار المصرية؛ ليقصد امتثال المرسوم، فسار أيامًا، ثم كر راجعًا معتلا بقلة الظهر، والخوف على اختلال الديار المصرية إذا بعد منها واشتغل عنها، وأرسل يعتذر بذلك إلى السلطان نور الدين، فوقع في نفسه منه، واشتد غضبه عليه، وعزم على الدخول إلى الديار المصرية، وانتزاعها من يد صلاح الدين، وتوليته غيره فيها. ولما بلغ هذا الخبر إلى صلاح الدين ضاق بذلك ذرعه، وذكره بحضرة الأمراء والكبراء، فبادر ابن أخيه تقي الدين عمر (٤) فقال: والله لو قصدنا نور الدين لنقاتلنه، فشتمه الأمير نجم الدين أيوب (٥) والد صلاح الدين يوسف وأسكته. ثم قال لابنه: اسمع ما أقول لك: والله ما هاهنا أحد أشفق عليك مني ومن خالك هذا، يعني شهاب الدين الحارمي، ولو رأينا الملك نور الدين لبادرنا إليه، ولقبلنا الأرض بين يديه، ولو كتب إلى أن أبعثك إليه مع نجاب لفعلت، ثم أمر من هنالك بالانصراف والذهاب.


(١) انظر: الروضتين، جـ ١ ق ٢، ص ٥٢٢ - ٥٢٣.
(٢) "الفرنج" في نسخة ب.
(٣) ورد هذا الحدث بتصرف في الباهر، ص ١٥٨؛ الروضتين، جـ ١ ق ٢، ص ٥٢٨.
(٤) هو الملك المظفر تقي الدين أبو سعيد عمر بن نور الدولة شاهنشاه بن أيوب صاحب حماة، وهو ابن أخي السلطان صلاح الدين، توفي يوم الجمعة تاسع عشر شهر رمضان سنة ٥٨٧ هـ/ ١١٩١ م بالقرب من خلاط. وفيات الأعيان، جـ ٣، ص ٤٥٦ - ٤٥٧.
(٥) هو أبو الشكر أيوب بن شاذي بن مروان، الملقب بالملك الأفضل نجم الدين، والد السلطان صلاح الدين يوسف بن أيوب، توفي سنة ٥٦٨ هـ/ ١١٧٣ م. انظر: وفيات الأعيان، جـ ١، ص ٢٥٥ - ٢٥٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>