للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الثاني: في بيان ميلاده وبلده وأصله.]

ولد صلاح الدين بقلعة تكريت لما كان أبوه وعمه بها في سنة اثنتين وثلاثين وخمسمائة، واتفق أهل التاريخ على أن أباه وأهله من دُوين (١) بضم الدال المهملة وكسر الواو وسكون الياء آخر الحروف وفي آخرها نون. وهي بلدة في آخر أعمال أذربيجان من جهة أران وبلاد الكرج. وإنهم أكراد رَوَادّية بفتح الراء والواو وبعد الألف دال مهملة ثم ياء آخر الحروف مشددة وبعدها هاء. والروادية بطن من الهدبانية بفتح الهاء والدال المهملة والباء الموحدة وبعد الألف نون مكسورة ثم ياء آخر الحروف مشددة وبعدها هاء، وهي قبيلة من الأكراد.

وقال ابن خلكان (٢): قال لي رجل فقيه عارف بما يقول وهو من أهل دوين، إن على باب دوين قرية يقال لها أَجْدَ أتقَان (٣) بفتح الهمزة وسكون الجيم وفتح الدال المهملة وبعد الألف نون مفتوحة وقاف مفتوحة وبعد الألف الثانية نون أخرى، وجميع أهلها أكراد روادية، ومولد أيوب والد صلاح الدين بها، وشاذى أخذ ولديه أسد الدين شيركوه ونجم الدين أيوب وخرج بهما إلى بغداد، ومن هناك نزلوا تكريت ومات شاذي بها، وعلى قبره قبّة داخل البلد. وكان شيركوه وأيوب - لما كانا في بغداد - خدما مجاهد الدين بهروز شحنة [١٦٣] العراق، ورأى مجاهد الدين في نجم الدين أيوب عقلاً ورأيا حسناً وحُسن سيرة، فجعله دردار تكريت إذ هي له. ودزدار بضم الدال المهملة وسكون الزاي المعجمة وفتح الدال المهملة وبعد الألف راء، وهو لفظ أعجمي، ومعناه حافظ القلعة، وهو الوالي، ودُز بالعجمى القلعة، ودار الحافظ. فسار إليها ومعه أخوه أسد الدين.

ثم إن أسد الدين قتل إنساناً بتكريت لكلام جرى بينهما، فأرسل مجاهد الدين إليهما، فأخرجهما من تكريت، ثم إنهما قصدا عماد الدين زنكي وكان إذ ذاك صاحب الموصل، فأحسن عماد الدين إليهما وأقطعهما إقطاعاً حسنًا وصارا من جملة جنده، ولما فتح عماد الدين زنكي بعلبك جعل نجم الدين دزد رها وقد ذكرنا ذلك كله مفصلاً (٤)،


(١) دُوين: بلدة من نواحي أرَّان في أخر حدود أذربيجان بالقرب من تفليس. معجم البلدان، جـ ٢، ص ٦٣٢؛ ابن خلكان، وفيات الأعيان، جـ ٧، ص ١٣٩.
(٢) وفيات الأعيان، جـ ٧، ص ١٣٩.
(٣) أجد أتقان: لم يذكرها سوى العيني، وهي القرية التي ولد بها صلاح الدين.
(٤) نقل العينى هذا الحدث من اين خلكان بتصرف. انظر: وفيات الأعيان، جـ ٧، ص ١٤٢ - ص ١٤٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>