لم يكن العيني مؤرخًا عاديًا من المتخصصين في عصر معين من العصور التاريخية، وإنما كان موسوعية وذلك شأن الكثرة الغالبة من المؤرخين المسلمين، فقد انصب اهتمامه عند كتابته لمخطوط "عقد الجمان" على تتبع التاريخ منذ عهد آدم حتى سنة خمسين وثمانمائة. ومن ثم فإن ما قدمه في كتابه يعد رؤية شاملة للتاريخ الإنساني الذي جاء في حلقات متتابعة. وكان من بين هذه الحلقات العصر الأيوبي الذي بين أيدينا. وقد بدأ حديثه عن هذا العصر بقيام الدولة الأيوبية واستمر معها حتى نهايتها.
ولم تكن كتابته عنها من النوع الإخباري الذي يهتم بالحدث الفردي بعينه، وإنما كانت كتابته عنها شاملة تتناول الصورة العامة دون النظر إلى الاختلافات الجزئية التي ربما تؤثر كثيرا على فهم المسار العام للأحداث.
فعند حديثه عن ملوك بني أيوب وأمرائهم؛ ذكر علاقاتهم الخاصة مع بعضهم البعض، ومع غيرهم من شرائح المجتمع، والدول المجاورة، وأعدائهم من الصليبيين وغيرهم. وفي كل هذا كان موضوعيا وأمينا في نقله؛ إذ ذكر أسماء المصادر التي استقى منها مادته العلمية، وأسماء مؤلفيها في ترتيب وإيجاز، باستثناء حالات قليلة. وقدم العيني ذكر حوادث كل سنة على وفيات أعيانها، ورتب ما بعد الهجرة على السنين حتى انتهى إلى آخر سنة ٨٥٠ هـ / ١٤٤٦ م.
ومن ذلك أنه سجل أمر الحج منذ السنة التاسعة للهجرة في نهاية أحداث كل سنة، كما ضبط الأسماء المشتبهة سواء أكانت أسماء أعلام أم مدن أم بقاع.
كذلك نقل العينى العبارات المتداولة واللهجات السائدة، والأقوال والحوارات، كما جاءت في مصادرها، وهذا من غير أن يقدم لها تفسيرات مناسبة؛ مما يترتب عليه بعض الغموض أحيانا في كتابته لها.
ومما يؤخذ على العيني عدم اهتمامه بالأحوال الاقتصادية كزيادة النيل ونقصانه، وغلة الأرض من حيث الوفرة والقلة، والعمل والبطالة، والأسعار غلاءً ورخصًا في العصر الأيوبي، مقارنة بما سجله عن هذه الأمور في العصر المملوكي.