للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جيشا آخر غيرهم، قالوا: ولم يكن ذلك [٩٤] برأي جيد، ولكن ما قصد السلطان إلا خيرًا؛ لأن هؤلاء الذين يدخلون البلد جُدد الهمّ، ولهم قوة العزم، وكانوا في راحة بالنسبة إلى أولئك، ولكن أولئك كانت لهم خبرة بالبلد والقتال، وكانوا قد تمرنوا على ما هم فيه من المصابرة للأعداء برًا وبحرًا. وجهزت لهؤلاء الداخلين سبع بُطسٍ فيها ميرة تكفيهم سنة كاملة، فقدر الله تعالى أنها لما توسطت البحر واقتربت من ميناها، هاجت ريح عظيمة في البحر، فتلعبت بتلك البطس على عظمها، فاختبطت واضطربت وتصادمت، وغرقت وغرق من فيها من البحارة جميعهم وما فيها من الميرة، فدخل بسبب ذلك وهن عظيم على المسلمين، واحتدّ مرض السلطان، وازداد مرضا إلى مرضه، وكان ذلك عنوانًا على أخذ البلد، ولا حول ولا قوة إلا بالله، وذلك في ذي الحجة من هذه السنة، وكان المقدم على الداخلين إلى عكا الأمير سيف الدين على بن أحمد بن المشطوب (١).

وذكر صاحب (٢) النوادر: أن دخوله كان يوم الأربعاء السادس عشر من محرم سنة سبع وثمانين وخمسمائة، وفي ذلك اليوم خرج المقدم الذي كان بها، وهو الأمير حسام الدين أبو الهيجاء وأصحابه ومَنْ كان بها من الأمراء، ودخل مع المشطوب خلق كثير من الأمراء وأعيان الناس.

[ذكر بقية الحوادث في هذه السنة]

منها أن في يوم الخميس السادس عشر من رمضان من هذه السنة، وصل كتاب على جناح طير من حماة، وكان قد جاء إليها من حلب، يذكر فيه أن الإبرنُس -صاحب أنطاكية- خرج بعسكره نحو القرى الإسلامية، لشن الغارة عليها، فبصرت به العساكر ونواب الملك الظاهر غازي -ولد السلطان- فكمنت الكمناء، وخرجوا عليهم، فلم يشعر الإبرنس بهم إلا والسيف قد وقع، فقُتل من عسكره خمسة وسبعون نفرًا، وأُسر خلق كثير، واستعصم هو بنفسه في موضع يسمى شيحا، حتى اندفعوا وساروا إلى بلدهم (٣).


(١) ورد هذا النص بتصرف في الفتح القسي ص ٤٥٨ - ص ٤٥٩؛ البداية والنهاية، جـ ١٢، ص ٣٥٦ - ص ٣٥٧.
(٢) النوادر السلطانية، ص ١٥٢ - ص ١٥٣.
(٣) ود هذا النص بتصرف في النوادر السلطانية، ص ١٤٣ - ١٤٤: الفتح القسى، ص ٤٣٦؛ الروضتين، جـ ٢، ص ١٦٤؛ مفرج الكروب، جـ ٢، ص ٣٣٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>