للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال العماد (١): وخرج السلطان صلاح الدين للصيد في ذي الحجة نحو قارا (٢)، فشكوتُ ضرسي، فرجعت مع عز الدين فرخشاه لحُمَّى عرتْهُ، فشكا منها، أن لا تزور إلا نهارًا جهارًا، ولا تفارق بعرق، بالضد من الحُمَّى التي وصفها أبو الطيب المتنبي. فنظمت فيه كلمة طويلة أوّلها:

يَمينُك دأبُها بَذلُ اليسَار … وَكفُّكَ صوبُها بِدَر النُّضارِ

وإنَّك من ملوكِ الأرْض طُرَّا … بمنزِلة اليمين مِنَ اليسارِ

وأنتَ البحرُ في بَثِّ العطَايَا … وأنتَ الطَّودُ في بادي الوقارِ

ومنها في وصف الحُمى:

وزائرةٌ وليسَ [بها] (٣) حياءٌ … فليْسَ تزورُ إلا في النَّهَار

أَتتْ والقلبُ في وَهَجِ (٤) اشْتِياقٍ … ليظهَرَ ما أُوَارِي مِنْ أُوارِي (٥)

إلى أن قال:

أَيَا شَمسُ الملوكِ، بقيتَ شمسًا … تنيرُ على الممالكِ والدّيارِ

ذكر قبض الملك الصالح صاحب حلب على كُمُشْتِكين مدبر دولته

قال العماد (٦): وقعت المنافسة بين الحلبيين مدبري الملك الصالح، واستولى على أمره العدل ابن العجمي أبو صالح. وكان سعد الدين كمشتكين الخادم مقدم


(١) انظر الروضتين، جـ ١ ق ٢، ص ٧١٢ - ٧١٣، حيث ينقل أبو شامة عن العماد.
(٢) قارة: هي قرية كبيرة بين حمص ودمشق على نحو منتصف الطريق، وهي منزلة للقوافل، انظر: معجم البلدان، جـ ٤، ص ١٢ - ١٣؛ تقويم البلدان، ص ٢٢٩.
(٣) "لها" في نسختى المخطوطة أ، ب، والمثبت من ديوان أبي الطيب المتنبي، جـ ٤، ص ١٤٦، تحقيق مصطفى السقا، الطبعة الثانية ١٩٥٦ م؛ الروضتين، جـ ١ ق ٢، ص ٧١٣؛ سنا البرق الشامي، ص ٢٨٣.
(٤) "وضح" في نسخة ب.
(٥) الأُوار: حَرُّ الشمس والنار.
(٦) الروضتين، جـ ١ ق ٢، ص ٧٠٤ - ٧٠٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>