للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[ذكر وقعة حطين]

ولما اجتمع الفرنج لملتقى السلطان بفارسهم وراجلهم وساروا إلى السلطان، ركب السلطان من عند طبرية وسار إليهم يوم السبت لخمس بقين من ربيع الآخر، والتقى الجمعان واشتد القتال، ولما رأى القومص شدة الأمر حمل على من قدامه من المسلمين، وكان هناك تقي الدين صاحب حماه فأخرج له وعطف عليهم، فنجا القومص ووصل إلى طرابلس وبقى مدة ومات غُبنًا لعنه الله. وأخذ المسلمون بالفرنج من كل ناحية وأبادوهم قتلاً وأسراً، وكان في جملة من أسر ملك الفرنج الكبير والبرنس أرناط صاحب الكرك وصاحب جُبيل وابن الهنفري ومقدم الداويه وجماعة من الاستباريه (١)، وما أصيب الفرنج من حين خرجوا إلى الشام وهي سنة إحدى وتسعين وأربعمائة إلى الآن بمصيبة مثل هذه الوقعة، وهي الوقعة العظيمة التي فتح الله بها الساحل وبيت المقدس.

وقال ابن الأثير (٢): وكان في جملة الأساري جميع ملوكهم سوي قومص صاحب طرابلس فإنه انهزم في أول الوقعة وأخذ صليبهم الأعظم عندهم، وهو الذي يزعمون أنه هو الذي صُلب عليه المصلوب، وقد غلفوه بالذهب ورصعوه باللآلى والجواهر النفيسة {وَكَانَ يَوْمًا عَلَى الْكَافِرِينَ عَسِيرًا (٢٦)} (٣).

وقال ابن واصل (٤): ذكر العماد أن السلطان الملك [٣٥] الناصر خلص في هذه التوبة ثلاثين ألف أسير من المسلمين، وأسر من الكفار مائة ألف أسير، وكان يوماً عظيماً حتى إنه ذكر أن بعض الفلاحين رآه بعضهم وهو يقود نيفاً وثلاثين أسيراً من الفرنج، قد ربطهم بطنب خيمة، وباع بعضهم أسيراً بنعل لبسها في رجله.

وفي المرآة (٥): ولما فتح الله للمسلمين ونصرهم على الإفرنج جيء إلى السلطان بصليب الصلبوت، وهو مرصع بالجواهر واليواقيت في غلاف من ذهب، وهو عند


(١) ورد هذا النص بتصرف في الكامل، ج ١٠، ص ١٤٦ - ص ١٤٨؛ الفتح القسي، ص ٧٧ - ص ٨٣؛ النوادر السلطانية، ص ٧٥ - ص ٧٨؛ الروضتين، ج ٢ ق ١، ص ٢٥٤ - ص ٢٥٦.
(٢) نقل العيني هذا النص بتصرف من الكامل، ج ١٠، ص ١٤٧. ص ١٤٨.
(٣) "سورة الفرقان"، آية رقم (٢٦).
(٤) نقل العين هذا النص بتصرف من مفرج الكروب، ج ٢، ص ١٩٢، انظر: هذا الحدث بالتفصيل في الفتح القسي، ص ٨٠ - ص ٨٤؛ النوادر السلطانية، ص ٧٧ - ص ٧٨.
(٥) مرآة الزمان، ج ٨، ص ٢٥١؛ الروضتين، ج ٢ ق ١، ص ٢٥٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>