للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

النصارى مثل المسيح. والذي أسر الملك درباس الكردي، والذي أسر إبرنس إبراهيم غلام المهراني، فلما رآهم السلطان نزل وسجد شكراً لله تعالى، وجاء إلى خيمته فاستدعاهم فجلس الملك عن يمينه وإيرنس الكرك إلى جانب الملك، ونظر السلطان إلى الملك وهو يلهث عطشاً، فأمر له بقدح من ثلج وماء فشربه وسقي الإيرنس. فقال السلطان: ما أذنت لك بسقيه فلم سقيته؟ وكان السلطان قد نذر أن يقتل الإبرنس بيده، فقال له: يا ملعون يا غدار حلفت وغدرت ونكثت، وجعل يعدد عليه غدراته، ثم قام إليه فضربه بالسيف حلَّ كتفه، وتقدم المماليك وقطعوا رأسه وأطعموا جثته للكلاب، فلما رآه الملك قتيلاً خاف وطار عقله، فأمنه السلطان وقال: هذا غدار وكذاب غدر غير مرة (١).

وقال ابن كثير (٢): ولما تمت الوقعة أمر السلطان بضرب مخيم عظيم وجلس فيه على سرير المملكة، وعن يمينه أسرّة وعن يساره مثلها، وجيء بالأسارى يسحبون في قيودهم فضربت أعناقهم، فيهم جماعة من مقدمي الداوية والإستبارية بين يديه صبراً ولم يترك منهم من كان يذكر الناس عنه ذكراً، ثم جيء بالملوك فأجلسوا عن يمينه ويساره على مراتبهم؛ فأجلس ملكهم الكبير عن يمينه، وتحته أرناط برنس الكرك، وبقية الملوك عن يساره. فجيء [إلى] (٣) السلطان بشراب من الجلاب (٤) مثلوج فشرب، ثم ناول الملك فشرب، ثم ناول أرناط فشرب، فغضب السلطان وقال: أنا سقيتك ولم آمرك أن تسقيه هذا لا عهد له عندي. ثم تحول السلطان إلى خيمة داخل الخيمة واستدعى أرناط، فلما أوقف بين يديه قام إليه بالسيف وقال: أنا أنوب عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم دعاه إلى الإسلام، فامتنع، فقتله وأرسل برأسه إلى الملوك وقال إنَّ هذا تعرض نسب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقتلته (٥). وقال العماد: قام السلطان فضرب عنقه بيده. قلت: إنما فعل ذلك بيده إقامة لنذره الذي نذر حين مرض كما ذكرناه، ثم قتل السلطان جميع من كان في


(١) مرآة الزمان، ج ٨، ص ٢٥٢ - ص ٢٦١.
(٢) نقل العيني هذا النص بتصرف من البداية والنهاية، ج ١٢، ص ٣٤٢.
(٣) ما بين الحاصرتين مثبت من البداية والنهاية، ١٢، ص ٣٤٣.
(٤) الجلاب: ماء الورد، وهو فارسي معرب وفي Dozy أنه الماء ينقع فيه الزبيب .. Dozy: Supp. Dict. Ar. T.I P. ٢٠٤.
(٥) نقل العين هذا النص بتصرف من الفتح القسي، ص ٨٦ - ص ٨٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>