للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الأسرى من الداوية والإستبارية صبراً، وأراح الله المسلمين من هذين الجنسين النجسين، ولم يُسلم ممن عرض عليه الإسلام منهم إلا القليل فيقال: إنه بلغ القتلى ثلاثين ألفاً، وكذلك الأسرى كانوا ثلاثين ألفاً، وكان جيش الإفرنج ثلاثة وستين ألفاً، فقتلهم ومن سلم منهم مع قلتهم [٣٦] أكثرهم جرحي، فماتوا ببلادهم بعد رجوعهم، ثم أرسل برؤوس الأسرى ورؤوس أعيان القتلى وصليب الصلبوت صحبة القاضي ابن أبي عصرون إلى دمشق؛ ليُودعوا في قلعتها، فدخل بالصليب منكوساً بين يدي القاضي إلى دمشق، وكان يوماً مشهوداً (١).

وذكر في النوادر (٢) ما ملخصه: أن صلاح الدين اندفع قاصداً نحو بلاد العدو في وسط نهار الجمعة السابع عشر من ربيع الآخر من هذه السنة، وكان بلغه أنهم اجتمعوا بأسرهم في مرج صفورية بأرض عكا، فقصدوا نحو المصاف معهم، فسار ونزل من يومه على بحيرة طبرية عند قرية تسمى الصنبرة (٣)، ورحل من هناك ونزل غربي طبرية على سطح الجبل، وكان نزوله يوم الأربعاء الحادي والعشرين من ربيع الآخر، ولما رآهم لا يتحركون نزل جريدة على طبرية، وترك الأطلاب على حالها قبالة وجه العدو. وزحف على طبرية فأخذها في ساعة من النهار، ثم التقى العسكران على سطح جبل طبرية الغربي منها، وذلك في آخر الخميس الثاني والعشرين من ربيع الآخر. وحال الليل بين الفريقين، فتبايتا على مصاف شاكين في السلاح إلى صبيحة الجمعة الثالث والعشرين منه، فركب العسكران وتصادما وذلك بأرض قرية تسمى اللُوبيا، فحال الليل بينهما أيضاً. ولما كان صباح السبت الرابع والعشرين منه، ووقع القتال نصرالله المسلمين بعونه ولطفه، فلم ينج منهم واحداً، واعتصمت طائفة أخرى بتل يقال له: تل حطين - وهي قرية. عنده قبر شعيب -عليه السلام-، ثم ذكر مثل ما ذكرنا. ثم قال: ولما كان يوم الأحد الخامس والعشرين من ربيع الآخر نزل السلطان على طبرية، وتسلم في بقية ذلك اليوم قلعتها وأقام بها إلى يوم الثلاثاء (٤).

وقال ابن الساعاتي الشاعر يمدح السلطان، ويذكر وقعة حطين وغيرها وهي هذه:


(١) يبدو أن العيني كتب هذا الحدث بالنص من البداية والنهاية، ج ١٢، ص ٣٤٢ - ص ٣٤٣.
(٢) النوادر السلطانية، ص ٧٥ - ص ٧٦.
(٣) الصنبرة: موضع بالأردن مقابل لعقبة أفيق بينه وبين طبرية ثلاثة أميال. معجم البلدان، ج ٣، ص ٤١٩.
(٤) ورد هذا النص بتصرف في النوادر السلطانية، ص ٧٥ - ص ٧٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>