للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فصل فيما وقع من الحوادث في السنة الثانية والتسعين بعد الخمسمائة (*)

استهلت هذه السنة والخليفة هو الناصر لدين الله وأصحاب البلاد على حالهم، ونقل الأفضل صاحب دمشق أباه السلطان صلاح الدين من قلعة دمشق إلى التربة بالمدينة (١) وذلك في شهر صفر منها، وكانت مدة لبثه في القلعة ثلاث سنين، ولزم الأفضل الزهد والقناعة وأموره مُفوّضه إلى وزيره ضياء الدين بن الأثير الجزري، وقد اختلفت الأحوال به وكثر شاكوه وقل شاكروه. (٢)

ذكر انتزاع (٣) دمشق من الملك الأفضل

قال المؤيد (٤) في تاريخه: ولما بلغ الملك العادل -في مصر- والملك العزيز اضطراب الأمور على الملك الأفضل اتفق العادل مع العزيز على أن يأخذا دمشق وأن يسلمها العزيز إلى العادل لتكون الخطبة والسكة في سائر البلاد للعزيز كما كانت لأبيه السلطان صلاح الدين، فخرجا وسارا من مصر فأرسل الأفضل إليهما فلك الدين وهو أحد أمرائه وهو أخو العادل لأمه، واجتمع فلك الدين بالعادل فأكرمه وأظهر الإجابة إلى ما طلبه، ولم يزل العادل والعزيز سائرين حتى نزلا على دمشق وقد حصنها الأفضل، فكاتب بعض الأمراء من داخل البلد الملك العادل بأنهم معه وأنهم يسلمون البلد إليه، فزحف العادل والعزيز ضحى يوم الأربعاء السادس والعشرين من رجب من هذه السنة، فدخل العزيز من باب الفرج (٥) والعادل من باب توما (٦)، فأجاب الأفضل إلى تسليم القلعة وانتقل منها بأهله وأصحابه، وأخرج وزيره ضياء الدين الجزري مختفيًا في صندوق خوفًا عليه من القتل، وكان الملك الظافر خضر ابن السلطان صلاح الدين صاحب بصري


(*) يوافق أولها ٦ ديسمبر سنة ١١٩٥ م.
(١) يقصد بالمدينة هنا مدينة الكلاسية التي تقع شمالي جامع دمشق، وقد بنى بها الأفضل قية ونقل جثة والده صلاح الدين من القلعة إلى هذه القبة. انظر: وفيات الأعيان، جـ ٧، ص ٢٠٦، ترجمة ٨٤٦.
(٢) ورد هذا النص في المختصر، جـ ٣، ص ٩١ - ٩٢.
(٣) "نتزاع" في الأصل، وهذا خطأ من الناسخ والصحيح ما أثبتناه.
(٤) البداية والنهاية، جـ ١٣، ص ١٢.
(٥) باب الفرج: أحدثه الملك العادل نور الدين وسماه بهذا الاسم تفاؤلًا لما وجد من التفريج بفتحه وكان بقربه باب بسمي باب العمارة فتح عند عمارة القلعة ثم سد. ابن شداد، الأعلاق الخطيرة، ص ٣٦.
(٦) باب توما: أحد أبواب مدينة دمشق. معجم البلدان، جـ ١، ص ٤٤٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>