للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[ذكر ما كان بين جلال الدين وقباجة]

ولما استراح جلال الدين من ثقل هذه الوطئات بلغه أن بنت أمين الملك سلمت من الغرق، وجاءت إلى أوجا (١) وهي مدينة من مدن قباجة، فأرسل إلى قباجة يقول: إن بنت أمين الملك تنتمي (٢) إلى بقرابة فليجهزها إليه صحبة الرسول. فامتثل قباجة كلامه وأرسلها إليه، مع تقادم جليلة في جملتها فيل، فقبل ذلك جلال الدين وتأكدت المودة بينهما إلى أن قضت الأيام بالبين والفرقة لأسباب، منها: أن شمس الملك شهاب الدين كان وزير جلال الدين، أستوزره له أبوه السلطان علاء الدين، فقدر الله تعالى أن الوقعة رمته إلى قباجة، فأواه وأكرم مثواه، فأرسل جلال الدين إلى قباجة واستدعى شمس الملك، فتوهم شمس الملك أنه إنما [٤٣١] يطلبه لإيقاع أمر فيه فامتنع قباجة من إرساله. ومنها أن قزل خان (٣) بن أمين الملك كانت الوقعة أرمته إلى مدينة كلور (٤) من مدن قباجة، وكان شابا طريا حسنا جميلا، وكانت في أذنه درة ثمينة، فشرهت نفوس من أووه عندهم فقتلوه، وحملوا الدرة إلى قباجة فشكرهم على ذلك، وأقطع لقاتله ضيعة، ولما سمع جلال الدين بذلك حقد عليه، وصبر على ذلك إلى أن جاء إليه الأمراء المنفصلون من أخيه غياث الدين بيرشاه وهم: سنجق خان، وإيلجي بهلول، وأرخان سلحدار السلطان، وبكتيارق جنكشين، فقوى بهم جلال الدين وقصد مدينة كلور فحاصرها، ودام القتال عليها، وباشر الزحف بنفسه، فأصابته نشابه في يده فأصبح كالأسد، ولم يفتر عن القتال ليلا ونهارا إلى أن استولى عليها وأخذ ما فيها، ثم انتقل منها إلى قلعة برنوزج وزحف عليها وباشر القتال بنفسه، وأصابته نشابة أخرى هناك، وتأكدت الوحشة بهذه الأمور بينه وبين قباجة، ولما رأى قباجة أن بلاده تطوى شيئا فشيئا، حشد وجمع وركب في عشرة آلاف نفس من الفرسان، وأنجده شمس الدين إيلتمش (٥) ببعض عسكره وعزم على المصاف، فعاجله جلال الدين والتقى معه


(١) "أوجاهي" كذا في سيرة منكبرتي، ص ١٦٣.
(٢) "تمت" كذا في سيرة منكبرتي، ص ١٦٣.
(٣) "قرن خان" كذا في سيرة منكبرتي، ص ١٦٤.
(٤) كلور: من مدن إقليم البنجاب. انظر: سيرة السلطان جلال الدين منكبرتي، ص ١٦٤، حاشية (٢).
(٥) شمس الدين إيلتمش: أحد أرقاء الترك في الدولة الغورية، وسار إلى بلاد الهند بعد سقوط هذه الدولة، وأسس إمارة في الجزء الشمالي من هذه البلاد، وحكم مدينة دهلي ٦٠٨/ ٦٣٤ هـ. (١٢١١/ ١٢٣٦ م). انظر: سيرة السلطان جلال الدين منكبرتي، ص ١٦٥، حاشية (١).

<<  <  ج: ص:  >  >>