للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكسره، وغنم ما معه من الأثقال وغيرها، ولما فرغ جلال الدين من كسر قباجة نزل على لهاوور (١)، وكأن بها ابن قباجة، وكان قد عصى على أبيه قباجة، فرأى جلال الدين أن يقره عليها على مال يحمله إليه، ثم رحل منها إلى صوب سيستان (٢)، وبها فخر الدين السلاوي واليا عليها من قبل قباجة، فتلقاه بالطاعة، وسلم مفاتيحها إليه، فجبي المال وأرضى الرجال، ثم رحل عنها صوب أَوْجَا (٣) فحاصرها أياما، وقتل من الفريقين خلق كثير، ثم صالحوه على مال، فحمل إليه، ثم رحل صوب جانسير (٤)، وكان رأيُها يعني ملكها، والرأي هو الملك بلغة الهند من أتباع أيلتمش وأنصاره، فخرج طائعا إليه وحضر إلى خدمته، ثم أتى الخبر إلى جلال الدين بأن إيلتمش قاصد له في ثلاثين ألفا من الفرسان ومائة ألف راجل وثلاث مائة فيل، فتجرد نحوه جلال الدين وقدم قدامه جهان بهلوان أزبك، وهو من حماة الأبطال برسم اليزك، فساق وخالفه يزك إيلتمش في الطريق، وتوسط أزبك عسكر شمس الدين إيلتمش، فقتل منهم جماعة وخرج آخرين، ثم ورد عقيب ذلك رسول إيلتمش في طلب الموادعة ويقول: ليس يخفى عليك ما وراك من عدو الدين، وأنت اليوم سلطان المسلمين وابن سلطانهم، ولست أستحل أن أكون عونا عليك، ولا يليق بمثلى أن يجرد السيف في وجه مثلك، وإن رأيت زَوَّجْتُك بابنتي لتستحكم الثقة وتزول الوحشة. فمال جلال الدين إلى ما قال، وأصحب رسوله باثنين من أصحابه، وهما: برذنك بهلوان وسنقرجق طايسي، فمضيا إليه واختاراه عليه، ثم ترادفت الأخبار بأن إيلتمش وقباجة وسائر ملوك الهند وعامة أمرائها وكبرائها قد اتفقوا على قلع جلال الدين من إقليمهم، واستشار جلال نصحاءه (٥) في تدبير هذا الأمر، واتفقت آراؤهم على الخروج [٤٣٢] إلى العراق وأشار عليه جهان بهلوان أزبك بلزوم بلاد


(١) لهاور (لوهور): مدينة كبيرة من بلاد الهند. انظر: أبو الفدا، تقويم البلدان، ص ٣٥٨.
(٢) سيستان: وتطلق المراجع العربية القديمة عليها سجستان، وهي تقع في جنوب خراسان.
انظر: بلدان الخلافة الشرقية، ص ٣٧٢.
(٣) أَوْجَا: لعل المقصود بها "أوج" وهي قرية صغيرة للخَرْلَخية، وهم صنف من الأتراك بما وراء سيحون.
انظر: معجم البلدان، ج ١، ص ٣٩٧.
(٤) "جانسير" كذا في الأصل، أما بلدان الخلافة الشرقية فذكرها "خانسار" وهي منطقة تقع بين قم وأصفهان.
انظر: بلدان الخلافة الشرقية، ص ٢٤٥.
(٥) "نصحائه" كذا في الأصل، والمثبت هو الصحيح لغة.

<<  <  ج: ص:  >  >>