للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(الثالث) في هلاكه: هلك جنكيزخان في هذه السنة، ولما توفي جعلوه في تابوت من حديد وربطوه بسلاسل وعلقوه بين جبلين هناك، ولما احتضر أوصى أولاده بالاتفاق وعدم الافتراق، وضرب لهم في ذلك الأمثال، وأحضر بين يديه نشابا، فأخذ سهما فأعطاه الواحد منهم فكسره، وكذلك الآخر فالآخر، ثم أحضر حزمة أخرى ودفعها مجموعة إليهم، فلم يطيقوا كسرها، فقال: هذا مثلكم إذا اجتمعتم واتفقتم، وذاك مثلكم إذا انفردتم واختلفتم. قال الجويني: وكان له أولاد ذكور وإناث، ومنهم خمسة هم عظماء أولاده وهم: توشي وهو أكبرهم، وهو الذي يقال له: دوشي خان. وهزنوك، وباظو، وبركة، وبركجار، وهم الذين ملكوا بلاد ما وراء النهر وبلاد خراسان، وغير ذلك إلى البلاد الفراتية، وبلاد الدشت (١) وغيرها، واستولوا على البلاد، هم ثم أولادهم، وأولاد أولادهم، على ما نذكره مفصلا، وإلى الآن لم تنقطع ذريتهم (٢).

[ذكر بقية الحوادث في هذه السنة]

منها أنه ولي قضاء القضاة ببغداد نجم الدين أبو المعالي عبد الرحمن الواسطى، وخلع عليه كما هي عادة الحكام، وكان يوما مشهودا (٣).

ومنها أنه كان غلاء شديد ببلاد الجزيرة، وقلة اللحم جدا حتى حكى ابن الأثير (٤): أنه لم يذبح بمدينة الموصل في بعض الأيام سوي خروف واحد في زمن الربيع.

ومنها أنه سقط في عاشر آذار ثلج كثير بالجزيرة والعراق، وهذا شئ غريب (٥) لم يعهد مثله، والعجب كل العجب وقوع الثلج في العراق مع شدة حره، والله على كل شئ قدير (٦).


(١) بلاد الدشت: الدشت قرية من قرى أصفهان والدشت أيضًا بليدة في وسط الجبال بين أربيل وتبريز.
انظر: معجم البلدان، ج ٢، ص ٥٧٥ - ص ٥٧٦.
(٢) ورد هذا الخبر بتصرف في سيرة منكبرتي، ص ١٤؛ البداية والنهاية، ج ١٣، ص ١٢٧ - ص ١٣٠.
(٣) انظر: البداية والنهاية، ج ١٣، ص ١٢٦.
(٤) الكامل، ج ١٢، ص ٤٧٣؛ البداية والنهاية، ج ١٣، ص ١٢٦.
(٥) "واحد" كذا في الأصل، والصحيح ما أثبتناه من الكامل، ج ١٢، ص ٤٧٣ لاستقامة المعني.
(٦) ورد هذا الخبر في الكامل، ج ١٢، ص ٤٧٣؛ البداية والنهاية، ج ١٣، ص ١٢٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>