للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الله - والي دمشق حاضرًا وجميع الأعيان. فلما نزلت من المنبر [قام المبارز] (١) يطرق لي ويمشي بين يدي إلى باب الناطفانيين (٢)، فتقدم إلى فرسى فأمسك بركأبي وأركبني وخرجنا من باب الفرج إلى المصلى، وجميع من كان بالجامع بين يدي، وسرنا من الغد إلى الكسوة ومعنا خلق مثل التراب، وكان معنا من قرية واحدة يقال لها زملكًا من قري [٣٢٨] دمشق نحو ثلثمائة رجل بالعدد والسلاح، وأما من غيرها فخلق كثير، والكل خرجوا احتسايًا، وجئنا إلى عقبة فيق والطير لا تقدر أن تطير من خوف الفرنج، فسرنا على الجادة إلى نابلس ووصلت أخبارنا إلى عكا، وخرج المعظم فالتقانا وسر بنا، وجلست بجامع نابلس وحضروا وأحضرنا الشعور أيضًا فأخذها وجعلها على [صدره] (٣) ووجهه وجعل يبكي، وكان يومًا عظيمًا، ولم أكن اجتمعت به قبل ذلك اليوم، وخدمنا وأكرمنا وخرجنا إلى نحو بلاد الإفرنج، فخربنا وقطعنا أشجارهم وأسرنا جماعة وقتلنا جماعة ولم يتجاسروا أن يخرجوا من عكا، فأقمنا أيامًا ثم عدنا سالمين غانمين إلى الطور المطل على الناصرة والمعظم معنا، فقال: أريد أن أبني عليه قلعة. وطلب أخاه الملك الأشرف وعساكر الشرق وحلب وشرع في عمارة الطور، وأقام العسكر تحته من ذي الحجة من هذه السنة إلى سنة ثمان وستمائة، فكمل سوره ودار واستوى، وخاف الفرنج فأرسلوا إلى العادل فصالحهم وأعطى للعساكر دستورا فتفرقوا، وأقام المعظم يعمر الطور إلى قبيل وفاة العادل ولا يحصى ما عزم عليه. (٤)

[ذكر بقية الحوادث]

منها: إنه وردت رسل الخليفة الناصر لدين الله إلى ملوك الأطراف أن يشربوا له كأس الفتوة ويلبسوا لها سراويلها، وأن ينتسبوا إليه في رمي البندق (٥) ويجعلوه قدوتهم.


(١) ما بين حاصرتين إضافة من مرآة الزمان الذي ينقل عنه. جـ ٨، ص ٣٥٥؛ الذيل على الروضتين، ص ٦٩.
(٢) باب الناطفانيين، أحد الأبواب الأربعة للجامع الأموي بدمشق، انظر: معجم البلدان، جـ ٢، ص ٥٩١: الدارس، جـ ٢، ص ٣٨٦.
(٣) ما بين حاصرتين إضافة من المرآة، جـ ٨، ص ٣٥٥ حيث ينقل عنه.
(٤) مرآة الزمان، جـ ٨، ص ٣٥٥ - ص ٣٥٦؛ الذيل على الروضتين، ص ٦٩ - ص ٧٠.
(٥) رمي البندق: من الألعاب الرياضية، والبندق: كُرات تصنع من الطين أو الحجارة أو الرصاص، أو غيرها. وترمى به الطيور. انظر: عاشور، المجتمع المصري في عصر سلاطين المماليك، ص ٧٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>