للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[ذكر سلطنة جلال الدين خوارزم شاه منكبرتي بن السلطان علاء الدين خوارزم شاه محمد بن تكش]

ولما مات السلطان علاء الدين [٤٢٥] في السنة الماضية ركب جلال الدين منكبرتي البحر إلى خوارزم بأخويه أزلاع شاه وآق شاه ومعهم زهاء سبعين نفسا، فلما قاربوها التقوهم فيها بالدواب والأسلحة والأعلام، وتباشر الناس بقدومهم واجتمع عندهم من العساكر السلطانية بخوارزم زهاء سبعة آلاف فارس أكثرهم البياووتية (١)، تقدمهم توجي بهلوان الملقب قتلغ خان، فمالوا إلى أزلاع شاه للحمة والقرابة وتواطؤا على أن يقبضوا على جلال الدين فيسلمونه أو يقتلونه، وأحس أينانج خان بما دبّر عليه فأعلمه بذلك، وأشار عليه بالرحيل، فرحل صاعدا نحو خراسان في ثلثمائة فارس مقدمهم دَمُرْ ملك، وأقام أخواه أزلاع شاه وأَقْ شاه بخوارزم بعده ثلاثة أيام، ثم وفاهم الخبر بقصد التتار وحركتهم نحو خوارزم من جهة ما وراء النهر، فرحلوا على إثر جلال الدين صوب خراسان (٢).

ولما تحقق جنكيزخان مسيرهم سير إليهم طائفة من أصحابه، فلما قطعوا المفازة التي بين خوارزم ونيسابور خرج عليهم التتار فقاتلوهم، فهزمهم جلال الدين منكبرتي، وهذه أول وقعاته مع التتار، وكانت الوقعة بقرب مدينة نسا (٣)، وحصّل صاحب نسا إقامة يقدمها لجلال الدين فلم يُقِم بل سار إلى أن وصل نيسابور منصورًا، وبعد ثلاثة أيام وصل أخواه أزلاع شاه وآق شاه مجفلين من التتار، فوجدا (٤) الإقامة التي جهزها صاحب نسا مجهزة فقدمها إليهما، فأمر أزلاع شاه لصاحب نسا بزيادة على إقطاعه، فبينما هم في تقرير الإقطاع إذ أتاهم الخبر بأن عسكرًا من التتار قد وصل إلى قلعة نسا الكشف أخبار جلال الدين ومقصده، ومن وصل معه من العساكر السلطانية، ولم يعلموا بوصول أزلاع شاه وآق شاه، فعند ذلك ركب أزلاع شاه وآق شاه ورحلا لوقتهما


(١) البياووتية: نسبة إلى قبيلة بياووت وهي فرع من قبائل كانكالي Cancalis التي كانت تقيم في السهول الواقعة في شمال خوارزم والشمال الشرقي من بحر قزوين.
انظر: ١٩٦. D'ohssom، op. cit.، t.i، P؛ سيرة جلال الدين ص ١٢٢، حاشية (٣).
(٢) وردت هذه الأحداث في سيرة جلال الدين، ص ١٢٢.
(٣) نسا: مدينة بخراسان بينها وبين سرخس يومان وبينها وبين نيسابور ستة أو سبعة أيام.
انظر: معجم البلدان، ج ٤، ص ٧٧٦.
(٤) "فوجدوا" كذا في الأصل والصحيح لغة ما أثبتناه.

<<  <  ج: ص:  >  >>