للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ورسول من ملك الإنكتار، ومعه حصان إلى الملك العادل في مقابل هدية كان أحضرها إليه. ووصل خبر وفاة حسام الدين بن لاجين بدمشق بسبب مرض عرض عليه، فحزن عليه السلطان. ووصل كتاب من سأمه يذكر فيه أن الإبرنس صاحب أنطاكية - لعنه الله - أغار على جبلة واللاذقية، وأنه كسر كسرة عظيمة، وقتل منه جماعة وعاد إلى أنطاكية مخذولًا (١).

ووصل رسول من ملك الإنكتار يقول: "خربت البلاد وهلك المسلمون والإفرنج، وتلفت الأموال، وقد بلغ الأمر غايته وما تم شيء من الوسط سوى القدس والصليب والبلاد. أما القدس فإنه متعبدنا ما تفرغ (٢) عنه ولو لم يبق منا أحد. وأما البلاد فيعاد إلينا من حد الأردن، وأما الصليب فإنه خشبة، لا مقدار لها عندكم وهو عندنا عظيم، فيمن السلطان بهذه الأشياء علينا، ونصطلح ونستريح من هذا العناء الدائم.

ولما وقف السلطان على هذا أجاب بأن القدس لنا كما هو لكم، بل هو أعظم عندنا مما هو عندكم، فإنه مَسْرى نبينا - صلى الله عليه وسلم -، ومجمعُ الملائكة، فلا يُتصور أن نتركه، ولا نقدر على التلفظ بذلك بين المسلمين. وأما البلاد فهي لنا في الأصل واستيلاؤكم عليها طارئٌ لضَعْفِ مَنْ كان بها من المسلمين في ذلك الوقت، وأما الصليب فحرقه عندنا قربة عظيمة لا يجوز لنا أن نفرط فيها إلا لمصلحة راجعة إلى الإسلام (٣).

[ذكر هروب شيركوه بن باخل الكردي من عكا]

وكان أسيرًا فيها، ووصل إلى عسكر الإسلام في أواخر يوم الجمعة السادس والعشرين من رمضان، وكان من الأمراء، من الأكراد الزرزارين (٤)، وأخبر أنه هرب ليلة الأحد الحادي والعشرين من رمضان، وكان ادخر له حبلا في مخدة، وكان الأمير حسين بن باريك ادخر له حبلًا في بيت الطهارة، فاتفقا على الهروب، ونزلا من طاقة كانت في


(١) نقل العينى هذه الأخبار من النوادر السلطانية، ص ١٩٣.
(٢) في النوادر، ص ١٩٤ (ما نزل عنه).
وتَفَرَّغَ عنه تعني تَخَلّى عنه. انظر: المعجم الوجيز، ص ٤٦٨ مادة (فرغ).
(٣) نقل العيني هذا الخبر بتصرف من النوادر السلطانية، ص ١٩٤.
(٤) الأكراد الزرزارية: يسكنون في ملازكرد والرستاق، ومرت، وجبل جنجرين المشرف على أُشْنُه من ذات اليمين من جبال الأكراد. وهؤلاء الأكراد ممن تكرَّد من العجم، ولهم عدد جَمُّ. وجبلهم في غاية العلوّ والشهوق في الهواء، شديد البرد. انظر مزيد من التفاصيل عنهم في القلقشندي: صبح الأعشى، جـ ٤، ص ٣٧٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>