للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رأى الكرج ذلك أيقنوا بالهلاك وسُقط في أيديهم، وطمع المسلمون فيهم وقاتلوهم أشد قتال، فقتلوا كثيرًا وأسروا مثلهم ولم يفلت من الكرج إلا القليل.

وفي هذه السنة (١) تزوج أبو بكر بن البهلوان صاحب أذربيجان [وأران] (٢) بابنة ملك الكرج، وسبب ذلك أن الكرج كثرت غاراتهم على بلاده لما رأوا من عجزه وانهماكه في الشرب واللعب وتغفله عن تدبير الملك وحفظ البلاد، فلما رأى الحال قد تزايدت من جهة الكرج، وأنه لا يقدر على الذب عن البلاد، خطب ابنة ملكهم فتزوجها، فكف الكرج عن الغارة والنهب والقتل. وقال ابن الأثير: (٣) فكان كما يقال: أغمد سيفه وسل إيره.

[ذكر بقية الحوادث]

منها أن الخليفة استوزر نصير الدين ناصر بن مهدي العلوي الحسنى، وخلع عليه للوزارة، وضربت الطبول بين يديه وعلى بابه في أوقات الصلوات: الفجر والمغرب والعشاء.

وفي المرآة (٤) خلع عليه خلعة الوزارة القميص والدراعة (٥) والعمامة والسيف، وخرج من باب الحجرة فقدم له فرسًا من خيل الخليفة، وبين يديه دواة فيها ألف مثقال (٦) ذهب، ووراءه المهد الأصغر وألوية الجند وطبول النوبة، والكوسات تخفق والعهد منشور بين يديه، وجميع أرباب الدولة مشاة بين يديه، وضربت الطبول والبوقات له بالرحبة في أوقات الصلوات الثلاث المغرب والعشاء والفجر، فقال الناس: يا ليت شعرنا ماذا أبقى الخليفة لنفسه؟!


(١) نقل العيني هذا الخبر من الكامل، ج ١٠، ص ٣٢٢.
(٢) ما بين حاصرتين إضافة من الكامل، ج ١٠، ص ٣٢٢، وأرّان: ولاية واسعة وبلاد كثيرة منها جنزة، وهي التي تسميها العامة كنجة وبرذعة وشمكور وبيلقان، وبين أذربيجان وأرّان نهر الرس - انظر: معجم البلدان، ج ١، ص ١٨٣.
(٣) الكامل، ج ١٠، ص ٣٢٢.
(٤) مرآة الزمان، ج ٨، ص ٣٤٢.
(٥) الدراعة: هي الفرجية، أي الجُبة. انظر: الملابس المملوكية، ص ٢٩ - ٣٠.
(٦) المثقال: أساس نظام الأوزان الإسلامية عامة هو الدرهم، الذي يرجع أصله إلى الدراخمة اليونانية، وكان من الفضة، وتسكه فارس، والمثقال الذي يرجع إلى السوليدوس (Solidus) الرومي البيزنطي، وكان من الذهب، وتسكة بيزنطة. ونسبة وزن المثقال إلى الدرهم من الوجهة الشرعية كنسبة (١٠٧)، بينما وصلت في بعض الأحيان من الوجهة العملية (٢:٣). انظر: علي جمعة: المكاييل والموازين الشرعية، ص ٧، ط. الأولى، دار الرسالة، القاهرة ٢٠٠٢ م.

<<  <  ج: ص:  >  >>