للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[ذكر بروز السلطان بجيشه إلى خارج البلد]

وبرز السلطان بجيشه إلى خارج القدس، وسار نحوهم خوفا من أن يسيروا إلى الديار المصرية لكثرة ما معهم من الظهر والأموال، وكان ملك الإنكتار - لعنه الله - يلهج بذلك كثيرًا، فخذلهم الله عن ذلك.

وترددت الرسل من ملك الإنكتار إلى السلطان في طلب الصلح، ووضع الحرب بينهم ثلاث سنين وستة أشهر، على أن يعيد إليهم السلطان عسقلان، ويهب له أكبر كنيسة ببيت المقدس وهى القمامة، وأن يمكن الزوار من النصارى والحجاج إليها بلاشئ. فامتنع السلطان من إعادة عسقلان، وأطلق لهم قمامة، ولكن فرض على الزوار مالاً يُؤخذ من كل منهم. فامتنع ملك الإنكتار إلا أن يعاد إليهم عسقلان ويعمر سورها كما كان. وصمم السلطان على عدم الإجابة (١).

وقال صحاب النوادر: ولما فرغ بال السلطان برحيل العدو، حضر رسول الكندهرى فقال: إن ملك الإنكتار قد أعطانى البلاد الساحلية، وهى الآن لي قاعدة على بلادى حتى أصالحك، وأكون أحد أولادك. فغضب السلطان لذلك غضبا شديدا، بحيث أنه أراد أن يبطش بالرسول، فأقيم من بين يديه. ولما كان يوم الثالث والعشرين من جمادى الآخرة استحضر الرسول، وكان جوابه بأن يكون الحديث بيننا في صور وعكا، على ما كان مع المركيس (٢).

[ذكر فتح السلطان مدينة يافا]

ثم ركب السلطان في جيشه العرمرم حتى وافى يافا، فحاصرها حصارا شديدا فافتتحها، وغنم جيشه منها شيئاً كثيرًا، وامتنعت القلعة، فبالغ في أمرها حتى هانت ولانت ودانت، وكادوا أن يبعثوا إليه بأقاليدها، ويأخذون الأمان لكبيرها ووليدها، إذ أشرفت عليهم مراكب الإنكتار على وجه البحر، فقويت رؤوسهم واستصعبت نفوسهم، وهجم اللعين ملك الإنكتار فاستعاد البلد إليه، وقتل من تأخر بها من المسلمين [١٤٩]


(١) انظر: الكامل في التاريخ، جـ ١٢، ص ٤٠ - ص ٤١؛ البداية والنهاية، جـ ١٢، ص ٣٤٩ - ص ٣٥٠؛ مفرج الكروب، جـ ٢، ص ٣٩٢ - ٣٩٣.
(٢) انظر: النوادر السلطانية، ص ٢١٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>