للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المرض عند العدوّ أكثر وأعظم مع كونه مقرونا بموتان عظيم، وأقام السلطان رحمه الله مصابرًا على ذلك، مرابطًا للعدو.

وفي تاريخ ابن كثير (١): عزم السلطان على استقبالهم بالردّ، وصدّهم عن القصر، ثم ثبت عزمه على أن يعود الذين لهم بلاد على طريق هؤلاء الملاعين، فأول من سار ناصر الدين محمد والد الملك المظفر صاحب منبج، ثم فلان وفلان على ما ذكرنا الآن. ثم رحل الملك المظفر تقي الدين لحفظ ثغر اللاذقية وجبلة، وكان هو آخر من سَار ليلة السبت التاسع من جمادى الآخرة، ورتب السلطان منازل العساكر الحاضرة على ما ذكرنا، وتقدم بهدم سُور طبرية، وهدم يافا وأرسوف وقيسارية، وهدم سُور صيدا وجُبيل (٢)، ونقل أهلها إلى بيروت.

وفي المرآة (٣): وانقطعت أخبار عكا عن السلطان، فندب أقوامًا للسباحة وأعطاهم المال في أوساطهم والطيور في أعناقهم ليردوا الأخبار، فعلم بذلك الفرنج، فاحترزوا بشباك نصبوها في المينا، فإذا جاء سابح وقع فيها، فامتنع الناس. وبعث قراقوش يشكو قلة الميرة، فرتب لهم السلطان بُطسة كبيرة، وجعل فيها نصارى من أهل بيروت كانوا قد أسلموا، فقال لهم ارفعوا الصلبان على البطسة كأنكم قاصدون الفرنج، ففعلوا ذلك، فخرج إليهم الإفرنج في الشواني، فقالوا: نراكم قاصدين البلد، فقالوا: وما أخذتموه بعد؟ قالوا: لا. فقالوا: وراءنا بطسة أخرى ردوها عن البلد، فذهبوا عنهم، فردوا القلوع إلى البلد ودخلوا إلى المينا (٤)، وكبر المسلمون وامتاروا أياما (٥).

[ذكر الوقعة العادلية]

ولما كان يوم الأربعاء العشرين من جمادى الآخرة من هذه السنة، علم عدو الله أن العساكر تفرقت في أطراف البلاد للعدو، وأن ميمنة السلطان قد خفت، أجمع رأيهم على أنهم يهجمون على طرف الميمنة بغتة. فخرجوا ظهيرة يوم الأربعاء، وامتدوا ميمنة


(١) بالبحث ثبت أن العيني لم ينقل هذا الحديث عن ابن كثير، وإنما نقله بتصرف من الفتح القسي، ص ٣٩٣ - ص ٣٩٤.
(٢) جبيل: بلد مشهور في شرقي بيروت. معجم البلدان، ج ٢، ص ٣٢.
(٣) مرآة الزمان، جـ ٨، ص ٢٥٨؛ الفتح القسي، ٣٩٣.
(٤) "الميني" في الأصل، والتصحيح من مرآة الزمان، جـ ٨، ص ٢٥٨.
(٥) مرآة الزمان، جـ ٨، ص ٢٥٨ - ٢٥٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>