للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذِكرُ فَتح قلعةِ بْغرَاس

وهي قلعة منيعة على رأس جبل شامخ، قريبة من أنطاكية، كثيرة العُدّة والرجال، فنزل العسكرُ في مرج لها، وصعد السلطان في جريدة عسكره إلى الجبل، ووقف بإزاء الحصن ينصب عليه المجانيق من جميع جهاته، وعين يَزَكا (١) لجانب أنطاكية كيلا يحصل تشويش من جهة أنطاكية، فضرب اليزك على باب أنطاكية بحيث لا يقدر أحد أن يخرج منها.

قال صاحب النوادر (٢): وأنا كنت في اليَزك في بعض الأيام ولم يزل السلطان يقاتل أهل بغراس مقاتلة شديدة (٣) حتى ضاق بهم الحال، فخرج مقدم الداوية يستأذن في الحضور، فأذن له، ولما حضر طلب الأمان فأمنهم السلطان على حكم دَربساك، ورقي العلم السلطاني عليها في الثاني من شعبان، ثم سلّم السلطان قلعة بغراس لعلم الدين سليمان آنفًا، فتسلّم الحصنين دريساك وبغراس، وكان علم الدين هذا صاحب أعزاز، وتسلمهما بذخائرهما، ووجد في بغراس خاصةً من الغلّة اثني عشر ألف غرارة (٤) سوي ما فيها من سائر الأقوات (٥).

ذِكرُ مُهادَنة صاحب أَنطاكِية

ولما فرغ السلطان من أمر بغراس عزم على التوجه إلى أنطاكية، وكان الإبرنس (٦) صاحبها عجل بإرسال أخي زوجته يَسأل من السلطان الهدنة والصلح على أن يطلق كل أسير عنده، فأجابه السلطان إلى ذلك، ووقع الصلح إلى ثمانية أشهر، وكان الإبرنس هذا من أعظم ملوك الإفرنج في هذه البلاد، وكان أهل طرابلس سلموا إليه طرابلس أيضًا بعد مَوت قومص صاحبها، وجعل الإبرنس ابنه في طرابلس (٧)، وقال صاحب النوادر (٨):


(١) يَزكَ: لفظ فارسي معناه الطلائع. انظر. Dozy: supp. Dict. Ar
وانظر: السلوك، ج ١، ص ١٠٥، حاشية ٣.
(٢) يؤكد هنا ابن شداد على أنه ممن شارك في حصار قلعة بغراس بدليل قوله: "وأنا كنت في اليزك".
(٣) إلى هنا توقف العينى عن النقل من النوادر السلطانية، ص ٠٩٣
(٤) الغرارة تساوي اثني عشر دينارا حينئذ، انظر: الفتح القسي، ص ٢٥٩.
(٥) ورد هذا النص بتصرف في الفتح القسى، ص ٢٥٧ - ص ٢٥٩.
(٦) المقصود بالإبرنس هنا "بيمند"، الكامل، ج ١٠، ص ١٧٤.
(٧) ورد هذا النص بتصرف في الفتح القسى، ص ٢٦٠ - ص ٢٦١؛ كما ذكر ابن الأثير هذه الأحداث بالتفصيل، الكامل، ج ١٠، ص ١٧٤، ص ١٧٥؛ وانظر أيضًا: مفرج الكروب، ج ٢، ص ٢٦٩ - ص ٢٧٠.
(٨) النوادر السلطانية، ص ٩٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>