للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الدواة ووقع له (١). قال القاضي: ولقد واجهة الجناح على يافا بالكلام القبيح، فما قال له كلمة واستدعاه، فأيقن بالهلاك. وارتقب الناس أن يضرب رقبته، فأطعمه فاكهة جاءته من دمشق، وسقاه ماء وثلجاً (٢).

[السابع في شجاعته]

وكان -رحمه الله - من أشجع الناس وأقواهم بدناً وقلباً مع ما كان يعتري جسمه من الأمراض والأسقام ولاسيما وهو مرابط مصابر مثاغر عند عكا، فإنهم كانوا كلما كثرت جموعهم وتراكمت أمدادهم لا يزيده ذلك إلا قوة وشهامة، وقد بلغت جموعهم خمسمائة ألف مقاتل ويقال ستمائة ألف مقاتل، وكان جملة من قتل منهم مائة ألف مقاتل، وكان يوم المصّاف يَدور على الأطلاب ويقول: وهل أنا إلا واحد منكم. وكان في الشتاء يعطى العساكر دستوراً وهو نازل على مرج عكا، ويقيم طول الشتاء في نفر يسير.

وفي المرآة (٣): وكان شجاعاً شهماً جواداً مجاهداً في سبيل الله، وأقام على عكا مجاهداً مرابطاً قريباً من أربع سنين.

الثامن في كرمه وجُوده:

وفي المرآة (٤): وكان يجود بالمال قبل الوصول إليه ويحيل به، ومتى عرف وصول حمل وقع عليه بأضعافه، وما خيب أحداً بالرد، وإن لم يكن عنده شيئ لطف به كأنه غريم يستمهله، وكان مغرمًا بالإنفاق في سبيل الله، ووهب مدة مقامه على عكا مرابطاً للفرنج من رجب سنة خمس وثمانين وخمسمائة إلى يوم انفصاله عنها في شعبان سنة ثمان وثمانين وخمسمائة، مدة ثلاث سنين وكسر، فكان اثني عشر ألف رأس من الخيل العراب والأكاديش (٥) الجياد للحاضرين معه في الجهاد والقادمين عليه من البلاد، غير ما أطلقه من الأموال في أثمان الخيل المُصابة في القتال (٦).


(١) نقل العينى هذا الحدث بتصرف من النوادر، ص ٢٨، ص ٢٩.
(٢) نقل العينى هذا الحدث بتصرف من مرآة الزمان، ص ٢٧٥.
(٣) نقل العينى هذا النص بتصرف من مرآة الزمان، جـ ٨، ص ٢٧٣.
(٤) نقل العينى هذا النص بتصرف من مرآة الزمان، جـ ٨، ص ٢٧٣.
(٥) الأكاديش: جمع اكديش، وهو يطلق على الحصان الخليط أوغير الأصيل والصغير غير الجيد، وقد كان سلاطين المماليك يقدمونها هدايا للأمراء، الفتح القسى، ص ٦٠، حاشية ١٠؛ ابن واصل، فرج الكروب، ج ٢، ص ٤٢٧.
(٦) إلى هنا توقف العينى عن النقل من مرآة الزمان، جـ ٨، ص ٢٧٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>