للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فصل فيما وقع من الحوادث في السنة السادسة والعشرين بعد الستمائة (*)

استهلت هذه السنة والخليفة هو المستنصر بالله، وملوك أيوب مفترقون مختلفون قد صاروا أحزابا وفرقا، فلذلك آل الأمر إلى أن سلموا القدس الشريف إلى الإفرنج (١).

[ذكر تسليم القدس إلى الفرنج]

وكان هذا في الإسلام من أعظم المصيبات، وأصل هذه الطامة أنه قد اجتمع ملوك بني أيوب إلى الملك الكامل صاحب مصر، وهو مقيم بنواحي القدس بسبب أخذ دمشق، فقويت قلوب الفرنج بكثرتهم بمن وفد إليهم من البحر، وبموت الملك المعظم، واختلاف من بعده بين الملوك، فطلبوا من المسلمين أن يردوا إليهم ما كان السلطان صلاح الدين أخذ منهم، فوقعت المصالحة بينهم وبين الملوك على أن يردوا عليهم بيت المقدس وحده، وتبقى بأيديهم بقية البلاد، فسلموا القدس الشريف، وكان الملك المعظم قد هدم أسواره على ما ذكرناه، فعظم ذلك على المسلمين جدا، وحصل بذلك وهن عظيم وإرجاف شديد (٢).

وفي تاريخ النويري (٣): ولما طال الأمر ولم يجد الملك الكامل بدًا من المهادنة أجاب الأنبرور إلى تسليم القدس إليه، على أن تستمر أسواره خرابا ولا يعمرها الفرنج، ولا يتعرضون إلى الصخرة، ولا إلى الجامع الأقصى، ويكون الحكم في الرساتيق (٤) إلى والى المسلمين، ويكون لهم من القرايا ما هو على الطريق من عكا إلى القدس فقط، ووقع


(*) يوافق أوله: ٣٠ نوفمبر ١٢٢٨ م.
(١) ورد هذا الخبر في البداية والنهاية، ج ١٣، ص ١٣٣.
(٢) ورد هذا الخبر بتصرف في الكامل، ج ١٢، ص ٤٨٢ - ص ٤٨٣؛ الذيل على الروضتين، ص
١٥٤؛ مفرج الكروب، ج ٤، ص ٢٤١ - ص ٢٤٢؛ المختصر، ج ٣، ص ١٤١؛ نهاية الأرب، ج ٢٩، ص ١٤٩ - ص ١٥٢؛ البداية والنهاية، ج ١٣، ص ١٣٣؛ مرآة الزمان، ج ٨، ص ٤٣١ - ص ٤٣٤؛ شفاء القلوب في مناقب بني أيوب، ص ٢٦٧، مكتبة الثقافة الدينية - الظاهر.
(٣) ورد هذا الخبر بتصرف في نهاية الأرب، ج ٢٩، ص ١٥٠، ص ١٥١.
(٤) الرساتيق: مفردها الرستاق وهو لفظ فارس معناه القرية أو محلة العسكر، أو البلد التجاري، ومنه الكلمة العربية الرزاق، وجمعها الرزداقات، والرزاديق.
انظر: مصطلحات صبح الأعشي، ج ١٥، ص ١٥٩؛ محيط المحيط؛ معجم الألفاظ التاريخية في العصر المملوكي، محمد أحمد دهان، ص ٨٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>