للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي المرآة: كان شجاعًا، ملك الدنيا من الصين والهند وما وراء النهر إلى خراسان إلى باب بغداد. كان نوابه في حلوان، وكان ديوانه مائة ألف مقاتل، وهو الذي كسر مملوكهـ مَيانجق عسكر الخليفة، وأزال دولة بني سلجوق. وكان حاذقًا بعلم الموسيقى؛ لم يكن في زمانه ألعب منه بالعود، وحكى أن الباطنية جهزوا إليه رجلًا ليقتله، وكان محترزًا كثيرًا، فجلس ليلة يلعب بالعُود وشَرَّع الخيمة، فاتفق أنه غَنَّي بيتًا بالعجمية وفيه تزاد يذم (١) ومعناه قد أبصرتك، فخاف الباطني منه وارتعد وهرب، فأُخذ وحمل إليه، فقرره، فأمر بقتله. وكان يباشر الحروب بنفسه حتى ذهبت إحدى عينيه في الحرب، وكان يقول: المَلك إذا لم يباشر الحرب بنفسه لا يصلح للمُلك؛ لأنه يكون مثل المرأة. وكان قد عزم على قصد بغداد، فجمع وحشد، فوصل إلى دهسْتان (٢) فتوفي بها في رمضان، فحمل تابوته إلى خوارزم فدفن عند أهله. (٣)

[ذكر تولية ولده قطب الدين محمد بن علاء الدين تكش]

لما مات علاء الدين خوارزم شاه المذكور أرسلوا إلى قطب الدين محمد ولده يستدعونه، فحضر فملّكوه، ولقب علاء الدين محمد بن تكش بن أرسلان، وكان على شاه بن تِكش بأصبهان، فأرسل إليه خوارزم شاه محمد أخوه يستدعيه، فلما وصل إليه [٢٥٢] ولاه حرب خراسان وسلم إليه نيسابور، وكان هندوخان بن ملكشاه بن خوارزم شاه تكش يخاف عمّه محمدًا فهرب منه إلى جِدّه، وكان معه عند موته، ونهب كثيرًا من خزائن جده، ثم أنه جمع جمعًا كثيرًا بخراسان، وسيَّر إلى عمه جيشًا مقدمهم جفر التركي فدخل مدينَة مرو، وبها والدة هندوخان وأولاده، فأمر بإرسالهم إلى خوارزم، ولحق هندوخان بغياث الدين صاحب غزنة فأكرمه ووعده النصرة، وأرسل إلى محمد بن جبريل (٤) صاحب الطالقان يأمره بالمسير إلى مرو الروذ (٥) فسار إليها فأخذها، ثم أرسل إلى جَفر بأمره بإقامة الخطبة بمرو لغياث الدين أو يفارق البلد، فكتب إليه يسأله أن


(١) "تنسم" في مرآة الزمان، جـ ٨، ص ٣٠٤؛ "بَبِيتَم" في النجوم الزاهرة، جـ ٦، ص ١٥٥.
(٢) دِهسْتَان: بلد مشهور في طرف مازندان قرب خوارزم. معجم البلدان، جـ ٢، ص ٥٥٩.
(٣) نقل العيني هذا الخبر من مرآة الزمان، جـ ٨، ص ٣٠٣ - ٣٠٤.
(٤) "جريك" في الكامل، جـ ١٢، ص ٧٤.
(٥) مرو الروذ: مدينة قريبة من مرو الشاهجان، وهي على نهر عظيم، فلهذا سميت بذلك. معجم البلدان، جـ ٤، ص ٥٠٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>